بلا تصنيف

دمشق.. عاملات نظافة يكنسن الشوارع طلباً للقمة عيش كريم

أجبرت الحرب الدائرة في سوريا مئات السوريات وربات البيوت على العمل خارج المنزل في مشاهد لم يعتاد عليها المجتمع السوري من قبل كأعمال النظافة والخدمات المنزلية وغيرها نتيجة ضيق الحال وقساوة الظروف المعيشية.

وليس غريباً اليوم أن تجد “أم محمود” (لديها 2 ذكور و2 إناث) التي هربت من مدينتها بعد سيطرة تنظيم داعـش على دير الزور ترفع رأسها في الصباح وتكنس القمامة وسط أحد شوارع دمشق حتى مغيب الشمس يومها بغية تامين قوت لها ولأولادها في المنزل.

“أم محمود”، ابنة دير الزور، لم تتوقع يوماً أن تخرج من منزلها وتعمل في شوارع جرمانا بدمشق أو حتى يراها أحد وهي تنظف خارج بيتها ما يجعلها تفتخر بكسبها من عرق جبينها قائلة: “الشغل مو عيب.. أنا عم أشتغل بشموخ”.

وتضيف أم محمود، في حديث مع موقع الوسيلة: “تركت أرضي على الضفاف الشمالية لنهر الفرات ومنزلي الذي يتوسط حقول القمح الواسعة هناك.. وذكرياتي أيضاً”، مبينة أنها تنقلت في رحلتها المحفوفة بالخوف بين مناطق سيطرة داعش والميلشيات الكردية إلى أن وصلت إلى مناطق سيطرة جيش النظام.

وتشير أم محمود في لقاء مع الوسيلة إلى أنها لم تقلق من الفقر ونقص المال لأن صحتها جيدة وتستطيع العمل منوهة إلى أنها كانت تخشى على أولادها عندما يعرف تنظيم داعش أن أولادها يؤدون الخدمة الإجبارية مؤكدة أن العيش في ظل سيطرة التنظيم كانت مثل الجحيم.

وتعرب أم محمود عن سعادتها بعملها الجديد وأنها لا تواجه أي مشكلة بسبب طبيعة العمل في الطرقات ونظرة الشباب ونظيراتها من ربات البيوت معتبرة ذلك فخر لها ولأبنائها وأن العمل يمنعها من مد يدها لأحد في هذه الظروف الصعبة.

من جهتها أقرت “خلود حسين عبود” بصعوبة وضعها المعيشي ما اضرها للعمل الذي لا ينقص من كرامتها شيئاً ولا يعيبها بحسب ما قالت لموقع الوسيلة.

وتضيف خلود عبود أن الكثير يستغرب عند سماع أو رؤية امرأة أو فتاة تعمل في الشارع تجمع القمامة وخاصة أن المعروف لدى مجتمعنا أن السيدة أو البنت عملها داخل المنزل وكثير من الرجال لا يقبل بعمل المرأة حتى في دوائر الدولة وضمن المكاتب.

وتوضح خلود في تصريحها لموقع الوسيلة أن الحاجة بالدرجة الأولى دفعتهن لتأمين عيش كريم لأنفسهن ولأبنائهن رافضات التسول أو طلب مساعدة الناس أو الجلوس في بيوتهن للثرثرة وانتظار أن يأتي الرجل بالمال سواء كان زوجاً أو أخاً أو ابناً.

وفي ذات السياق قامت شركة كهرباء تابعة للنظام السوري بتدريب عدد من النساء لتوظيفهن كعاملات لصيانة خطوط “التوتر العالي” في محاولة لسد الفجوة بسبب نقص اليد العاملة .

وأدى التجنيد الإجباري وسوق المطلوبين للاحتياط والاحتفاظ بالدورات القديمة إلى نقص شديد في العنصر الرجالي بمناطق سيطرة النظام، في ظل مقـ.ـتل عدد كبير من عناصر وضباط جيشه أثناء الحرب.

وفي محاولة لتدارك اﻷوضاع بدأ النظام السوري بالترويج لعمل النساء في مهن الرجال، حيث نقلت وكالة “سانا” عن مدير الشركة مصلح الحسن قوله إن خطط الشركة تقوم على إدخال النساء للعمل في عدة مجالات ميدانية.

وستقوم الشركة بتدريبهن على صيانة خطوط التوتر المنخفض والمتوسط إلى جانب أعمال التأشير وقراءة العدادات والضابطة العدلية والطوارئ، وغيرها من الأعمال .

وكان النظام السوري قد عمد إلى توظيف النساء في اﻷفران الحكومية التابعة له، بالتزامن مع تشجيعه على دخول المرأة في مجالات العمل الذكورية، وذلك بهد هروب آلاف الشباب، خشية تجنيدهم أو اعتقالهم.

وسبق أن عملت الفتيات السوريات خلال سنوات الحرب في سوريا ضمن أعمال و مهام لم تكن واردة الذكر في وقت سابق ، منها القتال في ساحات المعارك و مؤخراً اشتراك بعض السيدات في أحد ورشات البناء في دمشق في حين تعمل كهرباء دمشق على تدريب فتيات للقيام بأعمال الصيانة للتوتر العالي.

زر الذهاب إلى الأعلى