سوريات حوامل في مخيم الركبان بين مطرقة شح الخدمات الطبية وسندان شبح المـ.ـوت
فاجأت أعراض المخاض النازحة السورية “نورا “-اسم مستعار- وسط مخيم الركبان في شباط فبراير الماضي، ولكنها لم تلبث أن توفيت مع جنينها قبل إسعافها أو تقديم أي عمل طبي لها بسبب شح الخدمات الطبية.
وأفاد ناشطون بأن السيدة المتوفاة أصيبت آنذاك بجفاف ونقص في الدم ففارقت الحياة.
حالة هذه السيدة المتوفاة واحدة من حالات لحوامل كثر تحولت الولادة في حياتهن إلى حدث مميت في ظل افتقار المخيم المنسي للإمكانيات الطبية اللازمة، إذ لا يتوفر في المخيم الذي يضم أكثر من 55 ألف نسمة سوى قلة من الممرضين والممرضات إلى جانب عدد من المتطوعين الذين حصلوا على دورة تدريبية في التمريض لمدة شهر في قاعدة عسكرية أميركية قريبة.
وأكد الناشط الإعلامي “عماد غالي” لـ”زمان الوصل” أن هناك ثلاث قابلات في المخيم واحدة منهن فقط تملك شهادة قابلة قانونية، أما الباقيات فهن متدربات (دايات)، لذلك فموضوع الولادة والإنجاب في المخيم -حسب قوله- بات صعباً وخطراً في كثير من الأحيان، مشيراً إلى أن 7 من النساء الحوامل توفين خلال العام الحالي بسبب التأخير في تقديم المساعدة لهن.
ولفت غالي، الذي يقيم في داخل المخيم، إلى أن الكوادر الطبية في المخيم تقف في أحيان كثيرة عاجزة على القيام بأي عمل حيال الحوامل لنقص الإمكانيات والخبرة، ويتم بعض الأحيان إدخال الحوامل المشرفات على الولادة إلى الداخل الأردني أو نقطة عون الطبية الموجودة في الأراضي الأردنية، ومنها يتم إحالة الحالات الحرجة إلى الداخل الأردني، وكان هذا الأمر يجري بهذه الطريقة منذ حوالي سبعة أشهر، ولكن في الفترة الأخيرة -كما يقول- تم الامتناع عن إحالة هذه الحالات إلى الأردن لأسباب مجهولة.
“غالي” أشار إلى أن ناشطي مخيم “الركبان” المعزول ناشدوا عدة مرات الجهات المعنية بشؤون اللاجئين والأمم المتحدة و”يونيسيف” المسؤولة عن نقطة “عون” الطبية الاهتمام بحالات الولادة لما تمثله من خطورة على النساء في حال إهمالها دون جدوى، لافتاً إلى أن هناك 200 حالة طبية بحاجة للإدخال السريع والفوري إلى الداخل الأردني، ومنها حالات الولادات والنساء اللواتي هن بحاجة لعمليات قيصرية.
وأكد محدثنا أن معدل الولادات في المخيم حسب العديد من النقاط الطبية، ومنها “شام الطبية” ونقطة “نور” الطبية 5 ولادات يومياً أغلبها ولادات طبيعية وهناك، كما يشير، حالات تحتاج لعمليات قيصرية يضطر أهالي المرأة الحامل إلى إرسالها لمناطق سيطرة النظام للأسف وأحياناً تتعرض للاعتقال، ولا يسمح بدخولها أغلب المرات وفي حال تم تحويلها للداخل الأردني، فإن الأمر يطول كثيراً لحين ورود الموافقة من الجانب الأردني وموافقة “يونيسيف” حسب تقدير الحالة وهذا يشكل مشاق كبيرة للنساء الحوامل.
وبدوره أشار الدكتور “محمد طه” مدير البيت التدمري..”La Maison de Palmyre” إلى أن قضية الحوامل تعد من أكبر الهموم التي تواجه السيدات وعائلاتهن في مخيم “الركبان”، فاعتباراً من الشهر السابع للحمل يخيم الوجوم والترقب لدى أسرة الحامل وجوم وخوف من اليوم الذي يفترض أن يكون أجمل أيام العائلة، خوف على الأم التي حملت جنينها بدون غذاء كافِ لها و له وخوف على الجنين من ظروف الصحة المنعدمة والبدائية لحظة الولادة.
وتابع “طه” واصفا حالة الاب الذي يضطر للتنقل بين تخوم نقطة “يونيسيف” الطبية الموصدة حدودها، وكأنها حدود دولة أوروبية وبين باقي النقاط الطبية الخاصة إن صح تسميتها بطبية للاستفسار عن التكاليف، وتبدأ رحلة البحث عن منجد يغطي التكاليف المرتقبة أو جزءاً منها وحتى لو تم تأمين التكاليف يبقى الخوف مستمراً -حسب قوله- من يوم سيكون، إما ولادة جديدة أو نصف ولادة أو موت لأحد الطرفين الأم أو الجنين وربما الاثنان معاً، كما حصل في حالة السيدة التي توفيت في مطلع العام الحالي بسبب الإهمال الصحي.
زمان الوصل