على باب العام الثامن في لبنان.. لاجئون سوريون متشبثون بخيامهم وبردها وجوعها
أيام قليلة تفصل اللاجئين السوريين في لبنان عن عامهم الثامن من التهجير واللجوء، أعوام قرروا أن يدفعوها عن سابق إيمان وإرادة كضريبة من عمرهم لموقفهم ضد النظام السوري وترسانته العسكرية .
عام ثامن وهم متشبثون بمخيماتهم وقهرها وبردها وجوعها على أن يعودوا لحضن سوريا، مخيمات لم ترق بمشهديتها لوزير خارجية لبنان “جبران باسيل” عندما زارها منتصف العام، حيث وصفها وهو يعبر عن امتعاضه:” منظر المخيمات السورية الممتدة على طول وديان عرسال وحدودها مشهدية غير لائقة بحق سوريا ولبنان”.
ولم ينس صهر الرئيس اللبناني ميشال عون في زيارته ذاتها أن يحمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان مسؤولية هذه الحالة المزرية المخجلة التي وصل إليها السوريون، ويرد إليها وزر بقائهم وتهجريهم عن وطنهم طيلة هذه السنوات.
المفوضية من جانبها لم تكن أكثر رحمة وشفقة باللاجئين، فتزامنا مع الضغط السياسي من قبل رجالات في الصف الأول من سياسيي لبنان عبر تصريحاتهم وبياناتهم ضد الوجود السوري في المخيمات أقدمت المفوضية على فصل ثمانية آلاف عائلة سورية لاجئة من برنامجها الغذائي في أيلول سبتمبر من هذا العام لتتركهم فريسة للجوع والبرد والمرض، إضافة لإيقافها العديد من برامجها التعليمية وحرمان المئات من الأطفال السوريين في المخيمات من حقهم في التعليم في المدارس الرسمية اللبنانية متذرعة بنقص الكتلة المالية في صندوقها، وعجزها عن دفع تكاليف نقل وتعليم الأطفال السوريين.
الضغوطات السياسية والأممية التي مارسها لبنان الرسمي بالتوازي مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والتي انعكست سلبا على الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية على اللاجئين السوريين في المخيمات لم تقف عند هذا الحد، فقد كان للمؤسسة العسكرية واللبنانية دورها الفاضح والسافر أيضا في تركيع السوريين والضغط عليهم لحملهم على الخضوع للأمر الواقع في القبول بالمصالحات أو ما بات يطلق عليه لبنانيا بالعودة الطوعية إلى سوريا، والتي تجري برعاية وتدبير الأمن العام اللبناني، فشهدت المخيمات السورية في “عرسال” عشرات من حالات الدهم والتفتيش والاعتقالات العشوائية خلال عام 2018 التي نفذها الجيش اللبناني والتي كان آخرها صباح 28 تشرين الثاني نوفمبر/2018، حيث طوقت مدرعات اللواء التاسع في الجيش اللبناني، وبمؤازرة من مخابرات الجيش 30 مخيماً في محيط بلدة “عرسال” معززة بمئات العناصر الذين داهموا المخيمات، وبحثوا في الخيم حيث قام العناصر برفقة ضباطهم بحسب ما أفاد شهود عيان بإخراج اللاجئين من خيمهم، وأوقفوهم في الصقيع تسهيلا لعمليات البحث والتفتيش والتخريب في الخيم.
ويضيف أحد الشهود بحسب ما أورد الصحفي اللبناني “فداء عيتاني” على صفحته في “فيسبوك”: “أغلب العناصر تعرضت بالشتائم والسباب للاجئين خلال عمليات البحث، ولكن بعضهم كان بغاية التهذيب وفعل ما بوسعه لعدم تعريض النساء والأطفال للبرد والإهانة”.
وأسفرت المداهمة عن اعتقال ما يقارب 400 لاجئ سوري، من بينهم أطفال (دون سن 18 سنة) ونساء ورجال وعجائز وتم اقتيادهم، حسب ما أورد أقاربهم إلى قيادة كتيبة على إحدى تلال “عرسال”، ثم اقتيدوا إلى مقر اللواء التاسع في ”اللبوة”.
وتحتوي مخيماتُ “عرسال” اللبنانية والتي تقعُ على الحدودِ السوريةِ 117 مخيما يقطنها أكثر من 12 ألفَ عائلةٍ سوريةٍ لاجئة، بالإضافةِ إلى ما يقاربُ 1250 عائلةً أخرى موزعةً على العديدِ من التجمعاتِ السكنيةِ.
ويعانِي الأهالِي في المخيماتِ اللبنانيةِ من سوءِ معاملةٍ السلطات والبلدياتِ اللبنانيةِ لهم، بالإضافةِ إلى مضايقات المليشياتِ التابعةِ لحزبِ الله، التي وصلت أحيانا إلى اعتقالاتٍ تعسفيةٍ وحالاتِ خطفٍ للناشطينَ السوريين، دونَ وجودِ أي رادعٍ للانتهاكاتِ المرتكبةِ من قبلِ الميليشيات بحقِ اللاجئينَ منَ الأجهزةِ الأمنيةِ التابعةِ للدولة اللبنانية، وذلك في نية منهم لإجبار اللاجئين على القبول بالعودة مكرهين إلى بلادهم.
وتشير أرقام الأمن العام اللبناني إلى عودة أكثر من 50 ألف سوري خلال الأشهر الماضية فيما يطلقون عليه “العودة الطوعية”، فيما بدت التحذيرات أكثر جدية على مصير العائدين عندما أشار الوزير “معين المرعبي” إلى أنّ معطيات توفرت لوزارته تؤكد حصول تجاوزات من تنكيل واعتقال بحق عائدين من اللجوء من لبنان إلى سوريا.
وعبرت المنظمات الحقوقية عن ريبتها مما يخطط للاجئين السوريين، حيث أكد مدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان المحامي “نبيل الحلبي” ما وصفه “بالموقف الثابت لجهة عدم إعادة اللاجئ السوري دون إرادته خصوصا من دون تقديم أيّ ضمانات دولية لحمايته على المستوى الشخصي”.
المصدر : زمان الوصل