وزراء وقضاة وموظفو النظام السوري محرومون من الإقدام على الزواج من امرأة ثانية
كشفت مصادر قضائية تابعة للنظام السوري عن ارتفاع عدد الرجال المتزوجين من امرأة ثانية إلى40 في المائة وزيادة عدد طلبات تثبيت الزواج المقدّمة في المحاكم والجهات الرسمية خاصة أبناء المناطق والمحافظات التي عانت طيلة سنوات الحرب من ظروف صعبة.
وأكثر ما يثير الغرابة هو ارتفاع أعداد الراغبين بتثبيت زواجهم من امرأة ثانية وفق ما ذكرت وكالة سبوتنيك التي أشارت إلى أن المشرّع السوري يفرض شروطاً وأبرزها المادية يجعل الزواج الثاني أمراً شبه مستحيل في سوريا لا سيما أن حاجة الأسرة السورية شهرياً تفوق 300 ألف ليرة (ما يعادل 691 دولارا أمريكيا) لتلبية احتياجاتها المعيشية.
وبين مصدر قضائي بدمشق بحسب ما رصدت الوسيلة أن المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية نصت على أنه: يحق للقاضي ألّا يأذن للمتزوج بأن يتزوج على امرأته إلا إذا كان لديه مسوغ شرعي، مع توافر القدرة لديه على إعالة أسرتين، وهو ما يسمى الملاءة المالية أو شرط الكفاية، وهذا يعني أن القانون اعتبر الأصل بالاقتصار على وجود زوجة واحدة، لذلك وضع ضوابط لمن يريد التعدد لكونه “حالة استثنائية”.
ويرتبط المسوغ الشرعي كمبرر للزواج الثاني بعدة أمور منها عدم قدرة الزوجة على الإنجاب أو مرض الزوجة، وكل هذا يُثبت طبياً، كما أن القدرة على الإنفاق بحاجة لإثبات أيضاً عبر بيان بالراتب أو شهادة شاهدين إثنين.
وفي هذا السياق اعتبر المصدر القضائي أن “الوظيفة العامة في الدولة لا تتيح لأي موظف مهما علت مرتبته ودرجته الزواج بثانية قولاً واحداً، لأن مرتب أي موظف في الدولة لا يكفي لزوجة واحدة مع الأولاد فكيف ستكون لديه القدرة للإنفاق على زوجتين؟”، ليشمل هذا بطبيعة الحال الوزراء والقضاة والمدراء العامين لكونهم موظفين أيضاً، ينالون الرواتب نفسها مع علاوات لا تكفي —شرعا- للسماح بزواجهم من ثانية!.
لكن, إذا كان لدى الموظف مصدر آخر للدخل يجعله مليئاً مادياً فيستطيع أن يتزوج من زوجة ثانية، وللقاضي أن يتأكد من ذلك بحسب المصدر ذاته.
وعرض المصدر القضائي مثالاً لذلك أنه في حال كان الراغب بالزواج ثانية موظفا في شركة خاصة وكان مرتبه مرتفعا، أو يملك منزلاً مؤجراً أو سيارة مؤجرة أو أسهماً في مشروع ما، أو له أبناء خارج البلاد يمدونه بمصروف شهري إضافة إلى دخله الأول، فإن شرط الملاءة المالية يغدو متوفراً.
وعن زيجات ثانية تتم بين أوساط السوريين لذوي الدخل المحدود أو المعدمين فهو ناشئ عن الزواج العرفي بعيداً عن الضوابط المذكورة وفق ما أكد المصدر الذي نوه أن أحد المقيمين في مركز للإيواء، تزوج من امرأتين في المركز نفسه، ولذلك سبب واحد هو أن الزواجين لم يحصلا عن طريق المحكمة، أي “زواجان عرفيان”.
ولفت المصدر القضائي إلى تناقص حالات الزواج العرفي بعد تشديد العقوبة على هذا الزواج والتي راوحت بين الغرامة المالية والسجن، بموجب القانون رقم 24 لعام 2018.
وأضاف المصدر بحسب ما رصدت الوسيلة أنه لا يمكن للمحكمة أن تفرض شروطها على الزواج الثاني الحاصل بعيداً عنها، لكن المشكلات تبدأ عندما يأتي أولئك لتثبيت زيجاتهم، ففي حال كانت الزوجة حاملاً فستصبح الأولوية حكماً لتثبيت الزواج حرصاً على حقوق الجنين أو الطفل القادم، ولا يمنع ذلك من إيقاع العقوبة القانونية، لكنه أسلوب يتبعه كثير من الناس للأسف، لذلك ترتفع أعداد الراغبين بتثبيت الزواج الثاني، حتى تكاد تقارب معاملات الزواج العادية!.
وازدادت نسبة الزواج من امرأة ثانية بسبب ظروف الأزمة، وبشكل خاص لدى العائلات التي فقدت معظم الرجال فيها واضطرت للسكن عند غيرها، إضافة إلى نسبة العنوسة التي وصلت حسب تقارير إعلامية إلى 65 % في سوريا، وفق المصدر القضائي.
ونوه المصدر إلى أن المحاكم في دمشق تجري حالياً عدة إحصاءات لمعرفة نسب الزواج الأول والثاني في العام الماضي، لكن من خلال المعاملات اليومية فالمُلاحظ أن الزواج من ثانية يمكن أن يصل فعلاً إلى 40% تقريباً، وهو ما سيظهر قريباً في نتائج الإحصائيات التي ستكون متاحة إعلامياً مع الإشارة إلى أن أعداداً كبيرة من أبناء المحافظات السورية ثبتوا زيجاتهم في دمشق، وما يقارب نصفها هو زواج من امرأة ثانية!
وتعاني معظم العائلات السورية من فقد المعيل أو الرجل مع تفاقم الحرب في سوريا الأمر الذي أجبر الكثير من الأرامل أو العانسات أو المتقدمات في السن للقبول بالزواج من رجل متزوج بل وتتأقلم بعضهن في ظروف العيش لا سيما في حالات النزوح وعدم الاستقرار.