تركيا تصدر قراراً رئاسياً بشأن نشر قواتها في الخليج بعد إعلان إيران التعاون مع أنقرة عسكرياً هناك
مددت تركيا بقرار رئاسي مهمة قواتها البحرية في خليج عدن لمدة عام إضافي، بهدف المساهمة في مكـ.ـافحة القرصـ.ـنة وعمليات السـ.ـطو في المنطقة وبحر العرب ومحيطه والمياه الإقليمية للصومال وسواحله.
ونشرت الجريدة الرسمية التركية، السبت، المذكرة الرئاسية الذي صادق عليه زعيم البلاد، رجب طيب أردوغان، والذي ينص على تمديد مهمة قوات البحرية التركية في المناطق المذكورة عاما إضافيا اعتبارا من الأحد 10 فبراير 2019.
ووافق البرلمان التركي الأسبوع الماضي على المذكرة الرئاسية التي تقضي بأن عناصر البحرية التركية تقوم بمهام “تهدف لسلامة السفن التي ترفع العلم التركي والسفن التجارية المرتبطة بالبلاد، في خليج عدن وبحر العرب ومحيطه والمياه الاقليمية للصومال وسواحله”.
وتؤكد أنقرة أن قواتها البحرية تساهم بفعالية في العمليات المشتركة التي يقوم بها المجتمع الدولي لمكافحة القرصنة وعمليات السطو المسلح، والمساهمة في مكافحة الإرهاب بالبحر، في إطار قرارات الأمم المتحدة.
وتنشط قوات تركيا مع نظيراتها من الدول الأخرى من خارج المنطقة في خليج عدن تماشيا مع قرار صادر عن الأمم المتحدة يجيز المشاركة في مكافحة القرصنة في تلك المياه وتم تمديده لمدة 13 شهرا في 6 نوفمبر 2018.
وجرى تمديد مهمات القوات التركية في خليج عدن في الوقت الذي أكد فيه الجيش الإيراني استعداده للتعاون مع تركيا في المنطقة في مصلحة ضمان أمن السفن ومكافحة القرصنة والإرهاب.
وكان قد أعلن مساعد القائد العام للجيش الإيراني للشؤون التنسيقية، الأدميرال حبيب الله سياري، أن قوات بلاده مستعدة للتعاون مع تركيا في خليج عدن، مشيرًا إلى أن التعاون العسكري الإيراني التركي في البحر وخليج عدن “مسألة ضرورية”.
وأوضح الأدميرال سياري، في تصريح على هامش مؤتمر بمناسبة ذكرى انتصار الثورة الإيرانية، الأربعاء: “إذا كانت تركيا تريد توفير الأمن في خليج عدن، فنحن مستعدون للتعاون”، مضيفًا أن “تواجد إيران في خليج عدن هو لتوفير الأمن”.
وعند سؤاله حول وجود تعاون وتنسيق بين تركيا وإيران فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، قال: “إذا لم يتم السيطرة على الإرهاب في المنطقة، فسوف تتضرر جميع الدول”.
وأضاف: “لذلك فإن الحاجة للسيطرة على الإرهاب على المستوى الإقليمي هي مسؤولية الدول التي تعرف طبيعة وجذور الإرهاب والعمل الصادق، حتى تتمكن من تحقيق النصر على الإرهاب”.
واعتبر القائد العسكري الإيراني أن قوات بلاده مستعدة للتواجد في أي مياه إقليمية بأمر من القائد الأعلى، في إشارة إلى المرشد علي خامنئي.
وأضاف أن “وجود المياه الحرة والمحيطات قد تم تنفيذه منذ عشر سنوات تحت قيادة القائد الأعلى؛ لأن المياه الحرة تخص جميع الدول، ونحن نعي أيضًا حقنا في التواجد في هذه المياه”.
وقال إن “القوات البحرية التابعة للجيش الإيراني تتواجد اليوم في شمال المحيط الهندي وخليج عدن وبحر الصين والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط إلى جبل طارق، وعبرت القوات البحرية التابعة للجيش أيضًا جنوب أفريقيا، ووصلت إلى جنوب المحيط الأطلسي”.
القاعدة العسكرية التركية في الصومال.. الأهداف والأبعاد الاستراتيجية
وكانت تركيا افتتحت أول قاعدة عسكرية لها في إفريقيا، وتقع على بعد كيلومترين جنوب العاصمة الصومالية، مقديشو، وتبلغ مساحتها نحو 400 هكتار، وتضم ثلاثة مرافق مختلفة للتدريب، إضافة إلى مخازن للأسلحة والذخيرة، وتبلغ تكلفتها المالية 50 مليون دولار تقريبًا.
أُنشئت هذه القاعدة العسكرية التركية في مقديشو بموجب اتفاقية عسكرية تم إبرامها بين البلدين في ديسمبر/كانون الأول 2012، تعهدت تركيا من خلالها بالمشاركة في إعادة تأهيل الجيش الصومالي، بحسب تقرير صادر عن مركز الجزيرة للدراسات.
ولا شك في أن القاعدة العسكرية التركية التي تم افتتاحها في مقديشو، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2017، بحضور قائد أركان الجيش التركي، خلوصي أكار، ورئيس الوزراء الصومالي، حسن علي خيري، ومسؤولين آخرين من الجانبين، ستمنح تركيا امتيازات كبيرة على خليج عدن الاستراتيجي.
كما ستكون القاعدة محطة لتوسيع النفوذ التركي في القارة الإفريقية، وذلك بعد أن وضعت تركيا قدمًا لها على الخليج العربي من خلال إنشاء قاعدة عسكرية في قطر.
ويشير موقع (خبر7)، التركي، إلى أن القاعدة التركية في الصومال تأتي في إطار سياسة فتح أسواق جديدة للأسلحة التركية والبحث عن أسواق جديدة لبيع الأسلحة التي تنتجها أنقرة، مضيفة أن تركيا تبدأ أعمالها في هذا الإطار من خلال تعزيز تواجدها في الشرق الأوسط وإفريقيا، ويأتي اختيارها لقطر والصومال للأهمية الاستراتيجية لهاتين الدولتين، إلى جانب أسباب أخرى.
يشرف الجيش التركي على تدريب أكثر من 10 آلاف جندي صومالي في هذه القاعدة، وستفتح القاعدة أبوابًا واسعة لبيع وتصدير السلاح التركي وفق بعض التقارير؛ حيث تسعى أنقرة منذ سنوات إلى تطوير صناعاتها الدفاعية بشكل كبير ورفع نسب تصديرها للخارج.
وتدرك تركيا جيدًا أهمية الصومال بالنظر إلى موقعه الجغرافي الذي يربط بين القارات وباعتباره ممرًّا مهمًّا للطاقة في العالم، إضافة إلى الثروات الكثيرة التي يمتلكها الصومال والمخزون النفطي به، وبالتالي فإن الصومال يدخل ضمن سياسة عامة تنتهجها تركيا للتأثير على المستويين الإقليمي والدولي.
الأبعاد الاستراتيجية:
رسميًّا، لم تزد تركيا على التذكير بأن الهدف من تأسيس هذه القاعدة ما هو إلا تدريب وتأهيل الجيش الصومالي والتعاون العسكري مع مقديشو، غير أن المراقبين يعتقدون أن الأمر يتجاوز ذلك ليصل إلى نوع من التمدد الاستراتيجي في هذه المنطقة المهمة جغرافيًّا، وهو ما سيمكِّن أنقرة من تعزيز وتقوية أوراقها في بعض الملفات الإقليمية. ويمكننا أن نقسم هذا التصور إلى ثلاثة أقسام:
أولًا: مواجهة تنامي نفوذ بعض القوى الإقليمية والدولية، مثل: إيران، وإسرائيل، والصين، ومحاولة تطويق ومحاصرة تحركات بعض القوى الأخرى، مثل: الإمارات، ومصر، في إطار التنافس الإقليمي والدولي على النفوذ في المنطقة، إضافة إلى السعي نحو تقديم نفسها كبديل إقليمي جاهز لتحقيق وحماية مصالح وأهداف القوى الغربية والولايات المتحدة في المنطقة، في إطار استراتيجيتها الرامية إلى بناء قوة ونفوذ، يخلق منها قوة عظمى سياسيًّا، واقتصاديًّا، وعسكريًّا.
ثانيًا: تعزيز الحضور التركي في منطقة القرن الإفريقي، نظرًا لأهميتها الاستراتيجية، لاسيما في الصومال، لكونه يقع في قلب مسرح الأحداث الإقليمية، بما يجعله بمنزلة العمق الاستراتيجي للأمن القومي العربي، ولقربه الجغرافي من منطقة الخليج العربي، ومنطقة الشرق الأوسط، كما أن الصومال يطل على البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، والذي تسعى تركيا -كما يبدو- لإثبات وجودها ونفوذها في هذه الممرات المائية.
ثالثًا: حماية المصالح الاقتصادية التركية في القارة الإفريقية، والبحث عن المزيد من الاستثمارات في منطقة شرق إفريقيا، والقرن الإفريقي؛ حيث يمنح الوجود في هذه المنطقة تركيا العديد من المميزات على جميع المستويات السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والعسكرية. ففي الوقت الذي يبلغ فيه حجم الاستثمارات التركية المباشرة في إفريقيا نحو ستة مليارات دولار، تستحوذ منطقة شرق إفريقيا على نصفها تقريبًا، ويبلغ نصيب الصومال منها نحو مئة مليون دولار.
ووصلت تركيا إلى الصومال في وقت انشغل فيه العالم أجمع عن المجاعة والمأساة الإنسانية التي يعيشها الصومال، وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أول زعيم، يشغل منصب رئيس دولة، يزور الصومال، في أغسطس/آب 2011، فاتحًا الباب أمام مساعدات إنسانية واقتصادية وتنموية تركية غير محدودة للصومال، وصلت ذروتها، بالتوقيع على اتفاقية للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.