أمير سعودي: دَعمْنَا الأسد بـ 200 مليون دولار بداية الثورة وهذا ما فعله أوباما لمنع سقوط النظام
كشف رئيس الاستخبارات السعودية السابق، والسفير السابق لبلاده في أمريكيا، الأمير بندر بن سلطان، في الجزء الثالث من مقابلته مع صحيفة “الإندبندنت” عربية، قصة المبعوث الخاص من الملك عبدالله لبشار الأسد في بداية الثورة، والدعم الذي طلبه بشار، والمبلغ الذي أرسلته السعودية نقداً، وكذلك تراخي الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” فيما يتعلق بمنع تجاوزات رأس النظام بشار الأسد.
كما كشف الأمير السعودي، تفاصيل لأول مرة حول ما دار بين بشار الأسد ورياض حجاب رئيس وزراء حكومة النظام المستقيل، والفار من العمل مع نظام الأسد، والأجواء العامة للثورة السورية ورد فعل الأسد.
يؤكد الأمير، أن السعودية مع انطلاق التحركات الشعبية ضد الأسد عام 2011، وقمعها من قبل أجهزة النظام الامنية، كانت تتابع التطورات عن كثب، ولم تعلن موقفاً، بل أرسلت المندوبين للأسد تطلب منه اتخاذ ما يمكن لإنقاذ الوضع وتطوراته.
ويضيف الأمير :”أرسل الملك عبدالله لبشار مندوباً برسالة مفادها أن عليه أخذ إجراءات سياسية عاجلة لتهدئة الأمور قبل أن تفرط، فوعده بشار بذلك، ولكن للأسف استمر بشار في سياسته القمعية. أرسل الملك عبدالله مندوباً للمرة الثانية يحذر بشار من استمرار تدهور الوضع، فكان رده أنه يعي ما يحصل وسيقوم باتخاذ إجراءات سياسية إصلاحية عاجلة، ولكن هذا يتطلب إصلاحات اقتصادية ورفع مرتبات الجيش”.
دعم الأسد بـ200 مليون دولار
وتابع: “أرسل له الملك عبدالله 200 مليون دولار كمساعدة عاجلة لتهدئة الوضع والتعامل مع الأمور سياسياً واقتصادياً، ولكن بشار و بذكائه العجيب والذي يعتقد أنه يستطيع أن يخدع به كل الناس بما في ذلك شعبه، أخذ الأموال دون فعل شيء، بل زاد في القمع والتنكيل بالشعب ثم انشق رياض حجاب رئيس الوزراء الأسبق، وسمعنا منه العجائب عما كان يحصل داخل النظام”.
وحول ما جرى في لقاء الأسد مع حجاب بعد تولي الأخير رئاسة الوزراء، يقول الأمير بندر: “حاول شرح الوضع الداخلي لبشار في دير الزور خصوصا أن حجاب من دير الزور، واتصل به العديد من أهالي الدير يبلغونه بما يحصل فيها من قتل وتنكيل، فكان رد فعل بشار أنه لا عليك، أعرف بالوضع وهو تحت السيطرة… ولا تشغل نفسك بها الحكي بس فيه هناك عقد التلفونات بدو تجديد وهذا بدك تعطيه لرامي مخلوف، وفيه أرض للدولة لماهر الأسد بدك تشتروها منه”، وهذا ما جعل رياض حجاب يخرج من الاجتماع بقناعة أن “الدنيا وما يحدث في وادٍ وبشار الأسد في وادٍ آخر”.
ويضيف الأمير قبل أن ينتقل إلى قصة تراخي “أوباما”: “ثم بدأ بشار بضرب المدن السورية بالصواريخ والبراميل المتفجرة، وهنا اقتنع الملك عبدالله أنه لا يمكن التعاون مع هذا الشخص”.
تراخي أوباما
كشف الأمير بندر عن معلومات خلاصتها أن التدخل الروسي والإيراني في سوريا بوتيرة متسارعة، جاء بعد ضمانة أن واشنطن لن تتحرك. وفي الوقت الذي كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تتفاوض مع إيران بشأن الاتفاق النووي، كانت الخطوط الحمراء التي رسمها البيت الأبيض أكثر من مرة للأسد مجرد فرقعات إعلامية.
يقول الأمير عن انطباعه وما استقاه من زيارته الثانية إلى روسيا، بعد الأولى التي قال له “بوتين” فيها، إن بشار سيأتي إلى موسكو حبواً : “السبب في تدهور الأوضاع في سوريا، وتدخل الروس وغيرهم هو الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. كان الروس يتوقعون جدية من أوباما، وأن الأمريكيين ومعهم البريطانيون والألمان والفرنسيون، والدول العربية الرئيسية كمصر والسعودية والإمارات والأردن، وتركيا كدولة إقليمية سيوقفون تجاوزات الأسد، ولم يكن الروس يريدون اتخاذ موقف يخالف هؤلاء جميعا، لكن الروس حين شعروا أن لا جدية من أوباما تحركوا”.
الوعود الوهمية
طلب الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز من الديوان الملكي إطلاع الأمير بندر على تفريغ المكالمة مع الرئيس أوباما، وفيها طلب “أوباما” مهلة يومين لاتخاذ الموقف بشأن قصف المدنيين السوريين بالكيماوي وتجاوزات بشار الأسد تجاه شعبه. وكانت من بين 4 مكالمات مليئة بالوعود. وأصبح “أوباما” – حسب الأمير بندر – مثل بشار من ناحية عدم المصداقية والوفاء بالوعود. بل إن المسؤولين في حكومته أصبحوا يطلبون الوساطة السعودية للتحرك لوقف الجرائم بحق المدنيين السوريين على يد النظام.
يستذكر الأمير بندر موقفاً مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق “جون كيري”: “قال كيري لي أنه سيستقيل إذا لم ينفذ أوباما وعده في ما يتعلق بالخطوط الحمراء، ولكنه لم يفعل رغم عدم تنفيذ أوباما لوعده. وقد سخر منه الأمير سعود الفيصل خلال مكالمة هاتفية وقال له: تكلمني الآن كمواطن أو وزير خارجية؟ في إشارة إلى أنه من المفترض أن يكون قد استقال بسبب عدم إيفاء أوباما بوعده”.
ويذكر الأمير بندر لأول مرة، تفاصيل تعطيل “أوباما” لأي تحرك ضد الأسد ويقول : “التقيت برئيس الاستخبارات الأميركي السابق ديفيد بتريوس، في أحد الاجتماعات في الأردن، وقال لي إن مجلس الأمن الوطني موافق على وضع حد لتجاوزات بشار الأسد واستخدامه الكيماوي، وكلما جئنا بأمر تحرك ليوقعه أوباما قام بتأجيله وتجاهله”.
كل ما سبق، حسب الأمير بندر، لم يُجرئ الروس فحسب على التدخل في سوريا، بل الإيرانيين كذلك. وأصيب حلفاء واشنطن بصدمة وذهول، حين اكتشفوا لاحقاً أن مكاسب إيران في سوريا كانت بسبب مفاوضات أوباما مع طهران على النووي، ويقول : “اكتشفنا أنه كان في ذلك الوقت يتفاوض مع إيران على الاتفاق المتعلق بالنووي وعلى أنه لا يريد القيام بأي خطوة تفسد هذه المفاوضات، في الوقت الذي كان الجانب الإيراني يستميت لرفع العقوبات، ولو انتظر أوباما قليلاً لحصل على الكثير”.
ويواصل الأمير بندر حديثه عن هذه النقطة : “كان أوباما قلقاً من انسحاب الإيرانيين من المفاوضات النووية، والعجيب مثلاً، أن فرنسا وبريطانيا أرسلتا طائرات عسكرية إلى قبرص لضرب أهداف الكيماوي السوري وغيرها في تحرك عسكري شامل مع الولايات المتحدة، وهذا دليل جدية. الأمريكيون قالوا إنهم سيساهمون بالمعلومات الاستخبارية والدعم واستهداف أماكن الكيماوي، وتخيل أنه في هذه اللحظة روسيا لم تكن تتدخل بعد”.
الملك عبدالله تفاجأ برد فعل “أوباما”، ومراوغته، ولم يستسغ ذلك، ويقول الأمير بندر إنه في آخر مكالمة بين “أوباما” وبين الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، وكان فيها الرئيس الفرنسي السابق “فرانسوا هولاند” ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق “كاميرون”، ومدتها تزيد عن 40 دقيقة، ومما قاله الملك عبدالله لـ”أوباما” في مكالمة هاتفية : “لا أصدق نفسي أنني يوماً ما سأعيش ورئيس للولايات المتحدة الأمريكية يكذب عليّ”.
– السورية نت.