صحيفة حرييت التركية تكشف عن خطط أنقرة في إدلب وشرق الفرات
نشرت صحيفة “حرييت نيوز” التركية مقالاً حول الأوضاع في سوريا خلال الفترة الفائتة، وحول الوقائع والأحداث وما تشير المعطيات على الأرض في تحديد وتقسيم المناطق المتنازع عليها بين الدول المتصارعة على النفوذ في شمال سوريا.
حيث يبدأ المقال بالتذكير أنه بعد 8 سنوات من الحرب في سوريا، اقتربت الأوضاع في هذه السنة إلى الاستقرار في معظم أنحاء سوريا، وخاصةً بعد سيطرة نظام الأسد وروسيا على مناطق حلب والغوطة وحمص ودرعا، وبقيت المعارضة السورية في منطقة إدلب فقط.
فجميع التطورات التي حصلت في الشأن السوري جعلت من تركيا تحصل على موقع مميز في شمالي سوريا خلافاً لإيران وروسيا وكونها جارةً لسوريا يجعلها هذا لاعباً أساسياً في هذه الحرب.
تركيا هي أيضاً جهة فاعلة متوازنة عندما ننظر إلى علاقاتها الدبلوماسية وتاريخها في السياسة العالمية وبعد أن استثمرت الكثير في فكرة إزالة نظام الأسد، وحالياً تريد تركيا أن تكون الدول الغربية جزءاً من الحل كموازنة ضد روسيا.
حيث دعت تركيا سابقاً كل من ألمانيا وفرنسا إلى قمة إسطنبول حول سوريا في تشرين الأول من العام الماضي لهذا السبب، بالإضافة إلى ذلك تحاول تركيا مواصلة الحوار والتعاون مع الولايات المتحدة على الرغم من الخلافات العميقة والرسائل المتضاربة من واشنطن واستمرار سياستها بدعم التنظيمات المعادية لتركيا في سوريا.
كما أن أنقرة تنتظر اللحظة التي ستتصرف فيها الولايات المتحدة الأمريكية بعقلانية، ولكن موقف القادة الغربيين لا يزال غير حاسم، ففي ظل هذه الظروف هناك قضيتان مفتوحتان مهمتان لاستقرار سوريا وهما “إدلب وشرق الفرات”.
في منطقة إدلب تتشابه المواقف التركية والروسية، حيث إن المشكلة الرئيسية هناك هو في وجود “هيئة تحرير الشام” وعدم القدرة على نزع أسلحتها، وفي أيلول الماضي عندما كانت روسيا تستعد لهجوم كبير ضد إدلب أقنعت تركيا الروس بعدم القيام بذلك ومنعت من حدوث كارثة كبيرة.
حيث أن العمل العسكري ضد “هيئة تحرير الشام” يعني موجة جديدة من تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا وقد أقنعت تركيا الروس بذلك، وأرجأت الأمر لصالح المدنيين في إدلب.
فإذا كانت تركيا ستشارك بعمل عسكري جديد داخل سوريا، فإن أنقرة تعتقد أن الأولوية لأمنها القومي يجب أن تكون منطقة شرق الفرات، حيث أن الهدف الرئيسي لتركيا هو منع ميليشيات “واي ب ج” من كسب قاعدة جديدة في شمالي سوريا تحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية.
ويذكر أن من هذا المنظور أزالت تركيا تهديد المنظمات الإرهـ،ابية في عفرين والباب بعمليات عسكرية في العام الماضي، ولذلك تريد أنقرة الآن تنفيذ هذه العمليات شرقي الفرات، ومن أجل ذلك فإن وجود حالة هدوء في منطقة إدلب وتخفيف حدة العنف أمر مهم لأنقرة.
بالنسبة لروسيا تشكل القوة العسكرية الحالية في “هيئة تحرير الشام” تهديداً دائماً لقواعدها العسكرية، ولديها القدرة على إشعال موجة جديدة من العمليات في المدن التي يسيطر عليها نظام الأسد.
ويذكر أنه في قمة “سوتشي” في شباط الماضي، وافقت تركيا وروسيا على احتواء “هيئة تحرير الشام” في المنطقة، على الرغم من أن إيران غير راضية عن نفوذ تركيا المتزايد والمتعمق في سوريا، إلا أنه ليس لديها خيار كبير لتغيير هذا المسار وبالنسبة لإيران أصبحت سوريا مكلفة بشكل متزايد كما تنشغل طهران باليمن والعراق في الوقت الحالي.
حيث تملك تركيا القدرة على تشكيل الأحداث وتعميق الفوضى بقدراتها العسكرية ونفوذها على المعارضة السورية مع وجود عدد كبير من السكان السوريين المقيمين في البلاد كعامل مستفيد، وتفضل روسيا التي تدرك ذلك العمل مع تركيا لأنها تستطيع الوفاء بوعودها، كما أن إيران لا تخالف ذلك.
فبالتزامن مع تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بدأت الوقائع حول تصرفات “واي ب ج” ضد المدنيين في الظهور، وذكر تقرير للأمم المتحدة العنف ضد المدنيين واختطاف الأطفال في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم “واي ب ج” في شمال شرق سوريا.
وفي ظل هذا الوضع فإن إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على سياستها الخاصة بحملة تنظيم “واي ب ج” ضد تركيا الحليفة القوية في حلف شمال الأطلسي “الناتو” لن يحدد مستقبل سوريا فحسب بل سيحدد مستقبل الأهداف الأمريكية طويلة المدى في المنطقة.
المصدر: مدونة هادي العبد الله