30 عاماً من حكم البشير… انقلابات تخطاها بقوة والأخير اطاح به
خطفت الأزمة السودانية اليوم الأنظار على الساحة الدولية، حيث تحوّل الانقلاب العسكري الذي أطـاح بالرئيس عمر البشير الى حديث الساعة. ولكن من هو عمر البشير وكيف وصل الى السلطة وما هي أبرز محطات عهده؟
سيرة عمر البشير
ولد عمر حسن أحمد البشير عام 1944 في قرية صغيرة تسمى “حوش بانقا” التي تنتمي إلى قبيلة البديرية الدهمشية الموجودة في شمال السودان وغربه.
تخرج البشير من الكلية الحربية السودانية عام 1967 ثم نال ماجستير العلوم العسكرية بكلية القادة والأركان عام 1981، ثم ماجستير العلوم العسكرية من ماليزيا في عام 1983، وزمالة أكاديمية السودان للعلوم الإدارية عام 1987. شارك في حرب العبور 1973، وعمل فترة في الإمارات العربية المتحدة.
عمل بالقيادة الغربية من عام 1967 وحتى 1969، ثم القوات المحمولة جواً من 1969 إلى 1987، إلى أن عين قائداً للواء الثامن مشاة خلال الفترة من 1987 إلى 30 حزيران 1989 قبل أن يقوم بانقلاب عسكري على حكومة الأحزاب الديموقراطية برئاسة رئيس الوزراء الصادق المهدي، بإيعاز من الجبهة القومية الإسلامية ورئيسها حسن الترابي . وتولى منصب رئيس مجلس قيادة الانقلاب العسكري في 30 حزيران 1989، ووفقاً للدستور يجمع رئيس الجمهورية بين منصبه ومنصب رئيس الوزراء.
البشير متزوج من امرأتين (تزوج الثانية بعد مقتل زوجها عضو مجلس ثورة الإنقاذ الوطني العقيد إبراهيم شمس الدين إثر تحطم طائرته بأعالي النيل) ولكنه لم ينجب أطفالاً.
وكان يحث البشير، القادة على الزواج بأكثر من امرأة وتكفل الرعاية لأرامل الحرب الأهلية التي استمرت عقدين من الزمن وسقط فيها مئات القتلى.
وصول البشير الى الحكم
وصل الرئيس البشير الى الحكم في العام 1989 بعد انقلاب عسكري على الحكومة التي كان يتزعمها رئيس الوزراء الصادق المهدي وتولى بعدها منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، وهو العام نفسه الذي تقلد فيه منصب رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية السودانية معاً.
وجمع البشير بين منصب رئيس الوزراء ومنصب رئيس الجمهورية حتى 2 آذار 2017 حيث تم فصل منصب رئيس الوزراء وفقا لتوصيات الحوار الوطني السوداني وتم تعيين بكري حسن صالح رئيسا للوزراء. وفي 26 نيسان 2010 أعيد انتخابه رئيساً في أول “انتخابات تعددية” منذ استلامه للسلطة.
وأثارت فترة حكمه جدلاً واسعاً بسبب اشتراك مجندين تابعين لحكومته أو موالين لها في جرائم حرب في البلاد سواء في دارفور أو في جنوب السودان.
وفي بدايات حكمه، شهد السودان انتعاشاً اقتصادياً، لكن على الرغم من تأرجح استقرار الأوضاع في السودان بشكل مستمر، إلا أن السودانيين لا يزالون يعانون من الفقر وسوء الأحوال الإقتصادية في البلاد.
ويعتبر البشير أول رئيس دولة يتم ملاحقته دوليا لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عن حربه في دارفور، وحتى يومنا هذا ما زال الرئيس البشير يزور البلدان العربية والأفريقية كتحد واضح لقرار المحكمة الدولية.
اتفاق نيفاشا
ويعدّ اتفاق “نيفاشا” أبرز اتفاق في تاريخ السودان الحديث، حين قامت الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل د.جون قرنق بالتوقيع على اتفاقية نيفاشا لإنهاء الحرب الأهلية السودانية الثانية في جنوب السودان والتي تعتبر أطول حرب أهلية في أفريقيا عام 2005. ادى حق تقرير المصير المضمن في اتفاق “نيفاشا “إلى اختيار الجنوب الانفصال عن السودان وتكوين جمهورية جنوب السودان.
العلاقة مع الاسلاميين
حين قاد البشير الانقلاب للحكم، دعمته الجبهة الاسلامية بزعامة حسن الترابي والتي كانت مؤلفة من مجموعة من الضباط، الاّ ان الترابي بات اليوم احد ألد خصومه، بعد ان تدهورت العلاقات بين الرجلي اثر اقتراح الترابي في 1999 مشروع قانون يحد من سلطات الرئيس، لكن البشير رد بعنف وطوق الجيش المجلس الوطني الذي كان يترأسه الترابي، ثم اعلن حله.
وارسى البشير دعائم حكم اسلامي متشدد في بلد يعد 40 مليون نسمة ويقوم على الانتماء القبلي ومنقسم بين اغلبية مسلمة في الشمال والجنوب الذي يدين معظم سكانه بالمسيحية او يتبنون معتقدات أخرى.
وفي تسعينيات القرن الماضي، باتت الخرطوم ملاذاً للتيارات الاسلامية الجهادية كتلك التي قاتلت في افغانستان ومنها زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن الذي طرد لاحقا بضغط من الولايات المتحدة.
وفي العام 1999 حاول البشير الابتعاد عن الاسلاميين المتشددين وتحسين علاقاته مع جيرانه والمجتمع الدولي، واقامة شراكات اقتصادية مع الخليج ودول آسيا وخصوصا الصين اول مستورد للنفط السوداني. ولكن مع صدور مذكرة التوقيف الدولية بحقه، جدد مقارعته للغرب الذي يتهمه بانه ينزع الى “الاستعمار الجديد”.
وقد وقعت حكومته اتفاق سلام مع المتمردين في جنوب السودان يمهد لتقاسم السلطة ولاجراء استفتاء في 2011 حول استقلال الجنوب حيث يتركز الاحتياطي النفطي للبلاد.
الانقلابات
تعرض حكم البشير لمحاولات إنقلاب عديدة أبرزها: “حركة رمضان” عام 1990 بقيادة الفريق خالد الزين نمر، واللواء الركن عثمان إدريس، واللواء حسن عبد القادر الكدرو، والعميد طيار محمد عثمان كرار حامد، ولكن الانقلاب فشل كلياً، وألقي القبض على 28 ضابطاً، وتم إعدامهم في محاكمات عسكرية في العشر الأواخر من رمضان. وفي أواخر عام 1999، حل البشير البرلمان السوداني بعد خلاف مع زعيم الحركة الإسلامية والزعيم الروحي للانقلاب حسن الترابي، وبعدها أصبح الترابي من ابرز معارضي حكم الرئيس عمر البشير واميناً عاماً لحزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان وتعرض للاعتقال عدة مرات حتى انفرجت العلاقات مع نظام عمر البشير مع إعلان الحكومة السودانية للحوار الوطني.
وفي أيلول 2013، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة في السودان، ضد حكم البشير بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والمواد التموينية وسوء الأوضاع المعيشية عامة. وقد قتلت فيها قوات الأمن الحكومية ما لا يقل عن 200 متظاهر، بالإضافة إلى اعتقال وتعذيب الكثير من العمال والطلاب. وأعلن البشير وقتها لشعبه عن عدم رغبته في الترشح لمنصب الرئاسة في انتخابات عام 2015. لكنه لم يفِ بوعده.
عادات البشير
اعتاد البشير، والذي يتناوب على ارتداء الزي الشعبي السوداني او العسكري او الزي الاوروبي، على افتتاح خطاباته ذات النزعة الشعبوية برقصة تقليدية ملوحا بعصاه.
إعداد نايلة المصري