هل المشهد تقليد لأردوغان ويلدرم أم يحمل رسائل مبطنة.. هذا ما فعله أحمد داوود أوغلو (فيديو)
صهيب الابراهيم
خاص – الوسيلة:
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا مقاطع وصوراً لرئيس الوزراء الأسبق أحمد داوود أوغلو وهو يقنع شاباً بالعدول عن الانتحار بعد أن صادف مرور موكبه أثناء محاولة الشاب رمي نفسه من أعلى جسر “شهداء 15 تموز” على مضيق البوسفور الفاصل بين شطري إسطنبول.
وبحسب ما ترجمت الوسيلة عن تغريدات لناشطين أتراك فقد انتشرت صور ومقاطع فيديو لأحمد داوود أوغلو يقف أمام شاب ارتدى قميصاً عليه شعار حزب العدالة والتنمية ويحاول الانتحار برمي نفسه من أعلى الجسر.
وقال ناشطون أتراك إنه ولدى مرور موكب داوود أوغلو على الجسر وإذ بشاب يحاول رمي نفسه من الجسر إلى البحر.
وبحسب الناشطين ووسائل إعلام تركية فقد توقف موكب أوغلو واقترب من الشخص الذي كان يهم بالانتحار، وراح يقنعه بالعدول عن رأيه ونجح في ذلك.
وأشارت وسائل الإعلام إلى أن داوود أوغلو أنقذ الشاب في اللحظات الأخيرة وقام بإقناعه بالعدول عن رأيه.
ورأى ناشطون أتراك أن داوود أوغلو أراد أن يبعث برسائل لأصدقائه في حزب العدالة والتنمية أنه المنقذ لهم وللحزب خاصة بعد انخفاض شعبية الحزب في عدد من المدن.
وقال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الدكتور محمد جانبيكلي: “من يقرأ تصريحات أحمد أوغلو الأخيرة واقتراحاته للإصلاح في الحزب ومن يشاهد هذا المنظر, والذي يظهر وكأن أحمد اوغلو تدخل في اللحظة الأخيرة لإنقاذ الحزب من الانتحار يدرك جيداً مدى فعالية الدور الذي سيلعبه البروفسور”.
وأكد جانبيكلي في تغريدة له عبر تويتر رصدتها الوسيلة أن أحمد داوود أوغلو سيعود إلى الواجهة السياسية من أوسع أبوابها “.
وتساءل الكاتب والمحلل السياسي إن كانت الصورة التي أحدثت ضجة واسعة في تركيا مجرد مصادفة أم هي خطة من أحمد أوغلو كان هدفها إرسال رسائل مبطنة.
وأوضح جانبيكلي في تغريدة أخرى أن المشهد عادي لكن الغريب في الموضوع أن الشاب يرتدي قميصاً عليه شعار حزب العدالة والتنمية.
وبين الدكتور جانبيكلي قائلاً: “تصادف مرور موكب أحمد اوغلو مع شاب ينوي الانتحار من على الجسر الحدث هنا أمر اعتيادي لقد شاهدنا كثيرا مثله الغريب هنا..هو لبس الشاب لشعار حزب العدالة”.
وأثار حادثة إنقاذ داوود أوغلو للشاب التركي تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي وتباينت آراء المتابعين بين متهم أوغلو بالتمثيل وتقليد رئيس الوزراء السابق بن علي يلدرم وقبله الرئيس أردوغان.
واعتبر كثير من المتابعين أن أحمد داوود أوغلو يريد أن يوصل فكرة للرئيس أردوغان وقادة حزب العدالة أنه يجب إنقاذ الحزب من حافة الهاوية مظهراً نفسه كمنقذ للحزب ومساعداً جديداً في سبيل نهضة تركيا.
وسبق أن أنقذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة 25/12/2005 مواطنا من الانتحار عندما مر موكبه به وهو يهم بالقفز من جسر البوسفور “جسر الشهداء حالياً” إلى البحر في مدينة إسطنبول.
وبحسب وكالة الأناضول فقد تم إيقاف محاولة الانتحار بعد أن أمر أردوغان بتوقف الموكب وطلب من الحرس الشخصي إحضار الرجل لسيارته للتحدث معه.
واستطاع الحرس إقناع الرجل بالعدول عن الانتحار والذهاب للحديث مع رئيس الدولة داخل السيارة، فتراجع عن فكرته وصاحبهم.
وتحدث بالفعل مع رجب طيب أردوغان الذي أقنعه بأنه سيهتم بمشكلته شخصيا، وأصدر تعليمات للجهات المعنية لمتابعة الشخص والاهتمام بالرجل.
وفي تموز من العام الماضي, أقنع رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدرم شخصاً بالعدول عن الانتحار من أعلى جسر “شهداء 15 تموز” على مضيق البوسفور الفاصل بين شطري إسطنبول.
وكان رئيس الوزراء التركي الأسبق، أحمد داوود أوغلو، قد طالب قبل أيام بإصـ.لاحات ضمن بنية حزب “العدالة والتنمية”، بغية تلافي الأخـ.طاء السابقة التي تعـ.رض لها الحزب عقب تراجع شعبيته في المجتمع وخـ.سارته رئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة في الانتخابات المحلية التي جرت في 31 آذار الماضي.
وعرض داوود أوغلو في منشور له، على صفحته الشخصية في “فيسبوك”، بحسب ما رصدت الوسيلة مراجعة لنتائج انتخابات البلديات ونصائح.
وقال داوود أوغلو، “في هذا العصر الذي يتدفق فيه الزمن بسرعة سوف ينقسم العالم إلى قسمين، فريق يستطيع إدارة نفسه مع هذه التغيرات والسرعة، وفريق سيكون مُساق من قبل الغير”.
وأضاف أوغلو “الدول التي ستستطيع الانسجام مع هذا الوضع عبر منهج متماسك متجاوزةً توتراتها الداخلية ستكتسب قوة وسوف تستمر فيها عشرات السنين بل حتى قرون، أما الدول التي تستهلك مصادر طاقتها وتعاني من توترات داخلية فإن مصيرها مجهول”.
وعن دروس الانتخابات, أوضح داوود أوغلو أن “حزب العدالة والتنمية استطاع في العام 2000 جعل تركيا دولة مؤثرة في العالم عن طريق مبادئ الحزب المنسجمة بروح العصر”.
وأردف أوغلو قائلاً: “لكن الأحداث التي بدأت في 2013 في غيزي بارك والمؤامرات الأخرى التي حيكت ضد بلادنا والتي كان أخرها محاولة الانقلاب في 15 تموز جعلت تركيا تنتقل من وضع الهجوم إلى وضعية الدفاع”.
وبين أوغلو أنه “خلال هذه الفترة كان حزبنا هو الممثل السياسي الوحيد الذي استطاع التغلب على المؤامرات التي اضطرت الحزب لتجاهل الإرادة الوطنية، ما أثر على الانسجام الداخلي وضيق قدرتنا على إنتاج رؤية وتنفيذها”.
وحول إبداء ملاحظاته على سياسة الحزب ومخافوه, لفت داوود أوغلو قائلاً: “توصلت خلال السنوات الثلاث الماضية مع رئيس الجمهورية وعبرت له عن ملاحظاتي ومخاوفي ولم أكن اشاركها على الملأ لكي لا تُستغل من قبل أصحاب النوايا السيئة، لكن الأحداث الأخيرة والوضع الناجم عن الانتخابات الماضية جعلتني أشعر بضرورة إطلاع أمتنا على وجهة نظري تجاه ما يحدث”.
وأشار داوود أوغلو، إلى “تراجع شعبية الحزب في المجتمع”، خلال الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت في نهاية آذار الماضي.
ونوه أوغلو لضرورة “عدم ربط الحزب بأشخاص معينين هم راحلون مستقبلًا”.
وعن أخطاء قيادات الحزب رأى داوود أوغلو بأن “تشكيلات الحزب ابتعدت عن مبادئه الخمسة التي بُني الحزب عليها أساسًا واستعاض عنها بلغة تعالي وإقصاء، مع التضحية بالمبادئ في سبيل حصد مكاسب سياسية ومنح السلطات للمقربين لاستمرار السيطرة بالإضافة إلى تهميش القياديين السابقين”.
وتابع داوود أوغلو: “من أسباب الضعف مؤخرًا هو ما شعر به أعضاء حزبنا القدامى الذين ضحوا سابقًا، ووجدوا أنفسهم مبعدين، وفي الجهة الأخرى ترى البعض فوق مبادئ وقوانين الحزب مبتعدين عن فكر الحزب المبني على العمل الداخلي والفكر المشترك”.
واعتبر داوود أوغلو التحالف مع حزب الحركة القومية خطأ “جعل الحزب ينحسر إلى مناطق داخل الأناضول والبحر الأسود، بالإضافة إلى انفراد القرار بسلطة واحدة تتخذ قرارات الحزب ما أدى إلى حصول خيبات أمل”.
ودعا داوود أوغلو “قادة الرأي والمفكرين، والمواطنين والتيارات السياسية، إلى الوقوف كتفا بكتف لصناعة، مستقبلنا المشترك على أساس الإرادة المشتركة، والعقل المشترك والضمير الواحد”.
كما حث داوود أوغلو مديري الحزب ذوي الصلة، بتقييم كل القضايا والنظرة للمستقبل، بطريقة واعية وهادئة، دون أن تفشل قاعدة الحزب.
واستطرد أوغلو بالقول: “علينا أن نكرس فيها اليأس، بل وندفعها للمثابرة والاستعداد للمستقبل”.
كما انتقد داوود أوغلو السياسات الاقتصادية، وقال: “إن زيادة النفقات العامة، غير المفيدة، ومحاولة إنقاذ العجز لمرة واحدة، يقوض الثقة” مشددا على ضرورة “تحقيق الشفافية والمساءلة، في النفقات العامة بأقوى الطرق”.
وأكد على أن “الشرط المسبق للنجاح الاقتصادي، هو توفير حكم القانون، بطريقة لا تدع مجالا للنقاش”، ولفت إلى أن “الأزمة الاقتصادية أساسا هي أزمة إدارة، والمواطن يتوقع من الحكومة إدارة الاقتصاد”.
ودعا داوود أوغلو إلى إزالة القوانين التي تحد من حرية التعبير، ومنح الصحافة الحرية للتفكير الحر والنقد، وقال: إن “الصحافة الحقيقية، هي الجهاز المناعي لمى ديمقراطيتنا”.
داوود أوغلو في سطور
ولد داوود أوغلو في 26 شباط 1959، وعقب انتخابات 2002 عيّن كبير مستشاري رئيس الوزراء آنذاك والرئيس الحالي أردوغان, إلى أن تولى منصب وزير الخارجية في الحكومة 2009، واستلم منصب رئيس الوزراء في 2014.
واختير داود أوغلو وزيرًا للخارجية التركية في أيار سنة 2009 فاستمر فيها حتى استلامه رئاسة الحكومة التركية في 28 آب من 2014.
وداوود أوغلو متزوج ولديه أربعة أبناء، وله العديد من الكتب والمقالات في السياسة الخارجية، واختارته مجلة “فورين بوليسي” في العام 2010 ضمن أهم 100 مفكر في العالم.
يذكر أن تقارير إعلامية كانت قد كشفت عن عزم أحمد داوود أوغلو تأسيس حزب سياسي جديد مع الرئيس التركي الأسبق عبد الله غول.
ويرى مراقبون أن منشور داوود أوغلو الذي يلخص أخطاء الحزب والدعوة لاإصلاحات في بنيته تدحض مزاعم تشكيل حزب جديد ينافس حزب العدالة والتنمية.