حقيقة أم وهم.. هل يقود أردوغان وحزب العدالة والتنمية مشروع الخلافة الجديدة؟
متابعة الوسيلة:
أكد الباحث أحمد رفيق خضير أن أنظار الكثير من أبناء الأمة الإسلامية تتجه نحو تركيا فى عهد الطيب أردوغان في متابعة مستمرة لمشروع جديد يمثل في وجهة نظرهم بداية حلم عودة الخلافة.
ويشير الباحث خضير في تدوينة له على مدونات الجزيرة بحسب ما رصدت الوسيلة إلى أن تركيا الآن أصبحت ملاذا آمنا للمستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.
ويوضح خضير أن تركيا وقفت حكومة وشعبا مع كثير من قضايا الأمة موقفا مشرفا منذ بداية سفن الحرية التى كانت تؤد كسر الحصار عن شعب غزة الأبي، وكذلك موقف أردوغان فى مؤتمر دافوس، وحين جاء الربيع العربي، أيدت تركيا شعوب المنطقة العربية في مطالبتهم بالحرية والكرامة.
ولفت خضير إلى أنه لم يتغير هذا الموقف حتى بعد الانتكاسات التى لحقت بالربيع العربي، كل هذه المواقف جعلت أنظار الأمة تتجه صوب إسلام بول (كما سماها فاتحها السلطان محمد الفاتح) لتستعيد أمجاد الخلافة التي حكمت العالم أكثر من ألف عام، كان ما يقارب من نصفها فى مدينة محمد الفاتح رحمه الله.
وأوضح خضير أنه رغم أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية دائما ما يتحدثون على أنهم ليسوا مشروعا إسلاميا إلا أن خلفية الحزب ومؤسسيه والتصريحات المتعاقبة من قيادة الحزب والحكومة تثير عواطف المسلمين لاعتبار مشروع تركيا الحديث هو بداية لمشروع الخلافة الجديدة.
ورغم أن كاتب المدونة يتمنى أن يكون ذلك صحيحا لكنه يرى أن الواقع يجعل هذا الأمر فى غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا إن استمرت الأمور على نفس النهج.
ويعزو الباحث ذلك لأسباب عدة أبرزها أن حزب العدالة والتنمية الحزب الحاكم يعتبر حزبا لا يحمل أيدلوجية واضحة كما يظن المتابعون من الخارج، فالحزب فيه الإسلامي واليساري والليبرالي والصوفي والحركي وغيرها، والذى يجمع كل هؤلاء هو المشروع الاقتصادي الذى جاء به أدروغان ومن معه وأثبت نجاحا باهرا، وخطورة هذا المشهد فى أنه إذا حدثت اخفاقات للحزب في الجانب الاقتصادي سيخصم مباشرة من رصيد الحزب، وهذا ما جعل البعض يعزو الاخفاقات فى رئاسة المدن الكبيرة كأنقرة واسطنبول إلى العامل الاقتصادي.
والسبب الثاني وفق خضير أنه لا يوجد تنظيم قوي أو كتلة صلبة للحزب، فقد كان حزب العدالة يتحالف سابقا مع جماعة فتح الله غولن حتى توغلت الأخيرة فى جميع مفاصل الدولة تقريبا، وخططت للانقلاب الأخير على حزب العدالة والتنمية، ورغم فشل الانقلاب، والقبض على كثير من أبناء هذا التنظيم، إلا أن بعض المتابعين يقولون أنه لا يزال التنظيم يملك قوة على الأرض وأتباعا، وهذه فى الحقيقة عادة التنظيمات السرية فليس من السهل القضاء عليها. لكن هذا الأمر جعل أردوغان وقيادة الحزب تغفل لفترات طويلة عن تكوين الكتلة الصلبة، وإن كان المتابع يدرك أن الحزب الآن يهتم بتكوين هذه الكتلة، ونسأل الله أن لا يكون الوقت قد تأخر كثيرا.
أما السبب الثالث برأي الباحث خضير هو طبيعة الشعب التركي الآن ومع النزعة القومية التى رسخها فيهم أتاتورك جعلت الشعب منغلقا على نفسه كثيرا، فليس منفتحا على الشعوب الأخرى العربية وغير العربية، ويكفيك أن تدرك ذلك إذا جئت فى زيارة إلى تركيا، فتجد غالب الشعب لا يعرف إلا اللغة التركية، وبعضهم فى مناصب تجعلهم يتعاملون مع جنسيات أخرى، ومع ذلك لا يحسنون إلا لغتهم الأم. ومن الإنصاف أيضا القول بأن الحكومة بدأت الاهتمام بدراسة اللغات الأخرى وخاصة اللغة العربية، لكن كما قلت تظل النزعة القومية بارزة وبوضوح فى كثير من أبناء الشعب التركي، حتى أن غالبية دارسي الإلهيات لا يحسنون اللغة العربية.
وبين أيضا ترتب على العنصر السابق عدم تفاعل الحكومة التركية تفاعلا قويا مع الجاليات العربية والإسلامية فى الدولة فيوجد أكثر من ثلاثة ملايين سوري ونصف مليون عراقي والآلاف من الجنسيات الأخرى كمصر وفلسطين والأردن والمغرب ودول القوقاز ووسط آسيا، ومع ذلك يُقَيّم الكثير من قيادات هذه الجاليات تفاعل الحكومة معهم بالضعف، فالكثير من أبناء هذه الجاليات على مستوى علمي رفيع كأساتذة الجامعة والأطباء والمهندسين والعلماء الشرعيين، وغالبهم لا يجد عملا فى الدولة ولا يعمل إلا فى المؤسسات التابعة لهذه الجاليات، فلا تكاد تلمح خطة حقيقية وممنهجة للدولة التركية فى الاستفادة من هذه الطاقات الضخمة، والتي لا تكلف الدولة أي إعداد مسبق؛ بل هؤلاء جاهزون للاستثمار مباشرة، والإنتاج فى جانب العلم والمعرفة.
وخلص الباحث خضير في ختام مدونته إلى أن مشروع قيادة الأمة بعيد عن تركيا الآن وللأسباب التى ذكرها سابقاً.
واستدرك خضير أن ذلك لا يعني أن ننفض أيدينا من تركيا، بل بالعكس قد يكون هذا المقال وغيره نقطة انطلاقة لزيادة الوعي لدي الشعوب الإسلامية من عرب وترك وفرس وغيرها إلى الاتحاد والتعايش من أجل انطلاقة جديدة تحيي الأمة من سباتها العميق.