أخبار سوريا

خلافات تركية روسية تطفو على سطح إدلب.. هذا ما ستقوم به تركيا!

لا يبدو مسار التطورات في شمال غربي سورية واضحاً حتى الساعة فعلى الرغم من استمرار قوات النظام السوري والمليشيات التي تساندها في عمليتها العسكرية في محاولة لقضم المزيد من المناطق التي تقع تحت سيطرة فصائل المعارضة، فإن الدخول التركي على الخط أخيراً يمكن أن يقلب الأوضاع، وسط معلومات عن أن أنقرة أوصلت رسائل لموسكو بأن المعارضة لن تستسلم، وأن تركيا مستعدة لتحريك جبهة تل رفعت في حال لم تتوقف العملية العسكرية في إدلب وريف حماة.

في المقابل، تحاول قوات النظام، بأي وسيلة ممكنة، الوصول إلى مدينة جسر الشغور، من محوري ريف اللاذقية الشمالي وريف إدلب الغربي، فيما تؤكد المعارضة أنها تنفذ هجمات مباغتة خلف خطوط هذه القوات وتكبّدها خسائر في الأرواح والآليات العسكرية.

وحققت قوات النظام والمليشيات التي تساندها تقدّماً، أول من أمس، على حساب فصائل المعارضة في ريف حماة الغربي بسيطرتها على منطقة الحويز في سهل الغاب، بعد اشتباكات وُصفت بـ”الضارية” بين هذه القوات وفصيل “جيش إدلب”، تكبّدت فيها قوات النظام خسائر فادحة على الرغم من سيطرتها على المنطقة.

لكن قوات النظام تواجه مقاومة شرسة في محور الكبانة في جبل الأكراد، إذ تعد قرية الكبانة البوابة الرئيسية للوصول إلى مدينة جسر الشغور التي بات من الواضح أنها الهدف المقبل لقوات النظام نظراً لأهميتها.

وأوضح العقيد مصطفى البكور، قائد العمليات في “جيش العزة” الفصيل البارز في ريف حماة الشمالي التابع للجيش السوري الحر، أن “النظام استخدم أسلوب الدخول في جيب من الخاصرة الضعيفة، وهي منطقة الغاب باتجاه الشمال بعيداً عن المناطق المحصنة، وربما باتجاه جسر الشغور، مستخدماً طريقة القضم لمسافات قليلة وتثبيت نفسه فيها ثم التقدم مرة أخرى”.

وعن استراتيجية الجيش الحر في الرد على قوات النظام، أوضح البكور، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الجيش الحر “يعتمد على استراتيجية الهجمات المباغتة وخلف خطوط العدو، وقتل أكبر عدد من المليشيات وتدمير آلياتها ثم الانسحاب في حال عدم إمكانية الثبات بالموقع”.

وحول إمكانية وصول قوات النظام إلى مدينة جسر الشغور من محور ريف حماة الغربي بعد فشله بشق طريق انطلاقاً من ريف اللاذقية الشمالي، قال البكور “ستسعى الفصائل لمنع وصول المليشيات إلى تلك المنطقة، واستعادة ما خسرته في الأيام الماضية”.

وكان النظام قد سيطر خلال الأيام القليلة الماضية على نحو 16 بلدة وقرية في ريفي حماة وإدلب، معتمداً على كثافة نارية من الطيران الروسي الذي قتل وشرد عشرات آلاف المدنيين خلال الشهر الحالي، ودمّر أغلب المراكز الحيوية، بما فيها المراكز الطبية. ولم تجد المعارضة السورية بداً من التراجع للتحصن في المناطق الأكثر أهمية، والتي تعتبر خطوط الدفاع الأولى عن عمق محافظة إدلب، خصوصاً مدن وبلدات اللطامنة وكفرزيتا ومورك، التي لم تستطع قوات النظام التوغل فيها.

ويعتمد النظام في معارك ريف حماة الشمالي على مجموعات تُوصف بـ “التجانس”، أبرزها قوات العميد سهيل الحسن، الذي يلقب بـ”النمر”، والتي تتشكل من عدة مليشيات محلية، إضافة إلى مجموعات من “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا، والمشكّل من عناصر المصالحات، الذين قٌتل منهم عدد كبير في المعارك، إذ زجهم النظام في مقدمة القوات المهاجمة للتخلص منهم، فهو لا يضمن ولاءهم.

وذكرت مصادر في المعارضة المسلحة أن “لواء القدس” الفلسطيني، المدعوم من الحرس الثوري الإيراني، يشارك إلى جانب قوات النظام في معارك ريف حماة، مشيرة إلى أنه تكبد خسائر فادحة في معركة الحويز الأربعاء الماضي.

كما تشارك في القتال مليشيات محلية هدفها “تعفيش” المناطق التي تسيطر عليها، بالتنسيق مع ضباط قوات النظام الذين يطلقون يد عناصر هذه المليشيات لقتل من لم يستطع النزوح، وتعفيش المنازل وحرقها.

وأكدت مصادر في المعارضة، لـ”العربي الجديد”، أنه “لم تُسجل مشاركة إيرانية مباشرة في معارك ريف حماة الشمالي، وإدلب الغربي”، مشيرة إلى أن الإيرانيين “يتمركزون في قرية العشارنة في ريف بلدة السقيلبية ولم يتحركوا حتى اللحظة”، لافتة إلى أن هناك إيرانيين وعناصر تابعة لهم يشاركون في القتال ولكن بلباس قوات النظام.

وأعربت المصادر عن قناعتها بأن قوات النظام تنوي التوغّل باتجاه مدينة جسر الشغور “لكنها تجد مقاومة كبيرة من فصائل المعارضة في منطقة سهل الغاب، ربما تجبرها على تغيير خططها”، مضيفة “طالما جبل شحشبو بيد فصائل المعارضة فإن مهمة قوات النظام شاقة في الوصول إلى مدينة جسر الشغور”.

ويقع جبل شحشبو في ريف حماة، و”من يسيطر على هذا الجبل يستطيع إسقاط منطقة سهل الغاب نارياً”، وفق قيادي في فصائل المعارضة في ريف حماة الشمالي. وتسيطر فصائل الجيش الحر على جبل شحشبو الذي يمتد بين ريفي حماة وإدلب، ويضم نقطة مراقبة تركية في قرية شيرمغار.

في موازاة ذلك، ترددت معلومات أمس عن أن أنقرة رفضت عرضاً من موسكو لوقف إطلاق النار في شمال غربي سورية، مقابل تثبيت حدود المنطقة وفق نقاط السيطرة الجديدة، ما يعني بقاء مدينة قلعة المضيق، وبلدة كفرنبودة وعدة قرى سيطرت عليها قوات النظام أخيراً تحت سيطرة الأخيرة.

لكن مصادر تركية مطلعة أوضحت، لـ”العربي الجديد”، أن الطلب الروسي بتعديل الخرائط المتفق عليها سابقاً، وإبقاء المناطق الجديدة التي سيطر عليها النظام تحت سلطته، هو مقترح رفضته أنقرة بشدة، مطالبة بانسحاب قوات النظام إلى النقاط المحددة وفق اتفاق خفض التصعيد الموقّعة قبل عامين.

وقالت المصادر التركية إن الوضع الحالي مهدد بالانفجار والمواجهة المباشرة، وتركيا مستعدة لكافة الخيارات، إذ أرسلت رسائل مفادها أن فصائل المعارضة لن تستسلم وستقاوم، وهو ما حصل من مقاومة شرسة، وعلى الرغم من ذلك، فإنها لم تستخدم من السلاح الثقيل سوى مضادات الدروع، مضيفة أنه في حال أي اعتداء على نقطة المراقبة التركية العاشرة فإن تركيا سترد بقوة.

وأضافت المصادر أن أنقرة أوعزت للفصائل بأن تكون مستعدة للعمل فوراً على جبهة تل رفعت في حال لم تتوقف العملية العسكرية لروسيا، وأن تكون العملية للسيطرة على كل منطقة تل رفعت.

وشرحت المصادر التركية، لـ”العربي الجديد”، أن خلافات كبيرة تعصف بين تركيا وروسيا في ما يتعلق بإدلب بعد التصعيد الأخير، لافتة إلى أن شرارة الخلافات بدأتها موسكو بحجة أن أنقرة لم تفِ بالتزاماتها في ما يتعلق بنقطتين، الأولى عدم حصول مقايضة في الاتفاق على منطقة تل رفعت مقابل المناطق الجنوبية من إدلب، لتأمين مناطق النظام في ريف حماة واللاذقية وبالتالي حماية مطار حماة العسكري ومطار حميميم، وفق الادعاء الروسي، على أن تسيطر تركيا على منطقة تل رفعت، وكان هذا مقترحاً روسياً منذ البداية، وجرت حوله نقاشات لأشهر عديدة، شهد فيها الملف شداً وجذباً، ولم يتم تنفيذه والتوافق عليه بعد. هذه النقطة هي السبب غير المباشر، فيما يُعتبر عدم تفكيك “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) أو القضاء عليها، سبباً مباشراً للعملية الأخيرة، إذ إن موسكو اعتبرت أن أنقرة لم تفِ بالتزاماتها في ما يتعلق بهذه النقطة فبدأت العملية العسكرية الأخيرة، ومن غير المعلوم حدودها، وبناء على ذلك كانت الرسائل التركية واضحة بأنها ستتخلى عن كل الاتفاقيات مع روسيا في ما يتعلق بإدلب وغيرها، وهذا ما يقودها للتفاهم مع الولايات المتحدة، الأمر الذي لا ترغب به روسيا.

وبحسب المصادر، فبناءً على التهديد التركي الذي جاء في المكالمة الهاتفية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، قبل أيام، حصل اتصال هاتفي في اليوم التالي بين وزيري دفاع البلدين، التركي خلوصي أكار، والروسي سيرغي شويغو، وحتى الآن لم يحصل التفاهم.

على صعيد آخر، زعمت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام السوري أمس الخميس، أن الجانب التركي سلّم “فيلق الشام”، أبرز فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير” وهي أكبر تجمع لفصائل المعارضة في محافظة إدلب، “دفعات من صواريخ مضادة للدروع من بينها تاو الأميركي، والسهم الأحمر الصيني، وكونكورس وكورنيت الروسيان”.

ميدانياً، قُتل وجرح مدنيون، أمس الخميس، بقصف لقوات النظام على بلدة حاس ومدينة كفرنبل في ريف إدلب.

كما قصفت طائرات النظام بلدة كفروما وقرية معرة حرمة، كما استهدفت بالرشاشات قرية كفرسجنة التابعة لمنطقة حيش. أما على صعيد التحركات السياسية لمواجهة الوضع العسكري والإنساني المتفاقم في محافظة إدلب، فإنه من المفترض أن يناقش مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع ما يجري من تصعيد كبير من قبل النظام، والذي من شأن استمراره خلق أزمات إنسانية لا تنتهي.

العربي الجديد

زر الذهاب إلى الأعلى