من أجمل خصائل الشعب التركية: إكرام الضيف، وحسن ضيافته بشكل يلفت الانتباه ، هم لا ينتظرون العيد أو مناسبة خاصة لإظهار الحفاوة بالضيف
ويمكن القول إن الضيف لديهم يكون أهم شخص في البيت، حتى إنه حتى وقت قريب كانت توجد غرفة في كل بيت تسمى «غرفة الضيوف»، وكانت مخصصة لاستقبال الضيف والاستراحة بها لفترة، حديثاً فقط اختفت تلك الغرفة في كثير من المنازل، ولكن لم تختفِ الحفاوة بالضيف وإكرامه.
ولأن الأتراك يعطون أهمية كبيرة للضيوف، فتجدهم يعتنون بالأشياء التي سيستخدمها الضيف، هذه الأشياء التي لا تستخدم يومياً (أطقم الطعام، وأغراض التقديم، الفوط وغيرها)، يتم تخزينها في مكان مختلف، ولا تستخدم إلا عند مجيء الضيوف؛ لهذا إذا حللت يوماً في بيت تركي كضيف ستشعر أنك شخص مميز.
ما أكثر الشباشب عند الأتراك!
الأتراك لا يدخلون البيت بالحذاء أبداً، وبالتالي يتوقعون أن الضيف القادم سيخلع نعليه، وهم متشددون جداً في هذا الشأن.
ومن عاداتهم انهم عندما يخلعون الأحذية يرتدون الشباشب ويعطون الضيف أيضاً شبشباً لدى وصوله؛ لهذا السبب تجد في بيوت الأتراك العديد والعديد من الشباشب، ولهذا لا تجد الأم صعوبة في قذف ولدها بالشبشب عند ارتكابه خطأ فادحاً في نظرها، فهو دائماً في متناول يدها.
كيف تزعج الأتراك!
«الإكرام» كلمة يستخدمها الأتراك بنفس التلفظ العربي، وهي تطلق على كل ما يُقدم لإكرام الضيف. الأتراك يحبون أن يكرموا الضيف ويسعدوه من خلال تقديم العديد من الأطعمة، وحتى إن لم يكن الضيف مدعواً على الغداء فلن يسمح له أصحاب البيت بالجلوس بدون طعام وشراب.
أول شيء يقدمه الأتراك للضيف «الكولونيا» ثم تتبعها الشيكولاتة أو الحلوى. والبطل الرئيسي في كل الضيافات والدي لا يمكن أن تتم الضيافة بدونه هو «الشاي»، حتى إنهم لا يسألون الضيف ان كان يريد شرب الشاي أم لا، فهو يقدم فوراً بدون الحاجة للسؤال، وبالطبع يكون بجانبه بعض المعجنات أو الكعك أو الكيك. وتستمر حفلة الضيافة طالما تواجد الضيف، فعلى سبيل المثال بعد فقرة الشاي يتم تقديم فواكه أو مكسرات. وإذا لم يأكل الضيف شيئاً أو تناول شيئاً بسيطاً يلحّ عليه أهل البيت أو يظنون أن الموجود لم يعجبه فيحضرون شيئاً أخر.
باختصار إذا أردت أن تضايق تركياً فلا تأكل عنده شيئاً. والأفضل عند زيارة شخص تركي أن تذهب إليه وأنت جوعان.
الأعياد في تركيا
يحتفل الأتراك بعيدَي الفطر والأضحى ويتجهزون للاحتفال قبله بفترة، فيتم تجهيز أصناف الطعام وحلوى العيد وتنظيف البيت والتسوق له مخصوص. في السابق كان من المعتاد أن يخرج الأهل لشراء ملابس العيد للأطفال، وحتى في الوقت الحاضر وإن لم يستطِع البعض شراء ملابس جديدة، فإنه يعتني جيداً باختيار الملابس التي سيتم ارتداؤها في العيد.
يذهب الصغار لزيارة الكبار في العيد، وتجتمع جميع العائلة في بيت كبير العائلة، ومن لم يستطِع القدوم لظروف خارجة عن إرادته يتصل بالتأكيد في الهاتف ويعايد الجميع.
صباح العيد يستيقظ الجميع مبكرين، ويذهب الرجال فقط لصلاة العيد، بعدها تجتمع العائلة للمعايدة؛ يقبّل الصغار أيدي الكبار، والكبار يقبلون أيدي الأكبر، فهي عادة تركية لإظهار الاحترام والتقدير للكبار، وتتم طوال السنة وليس فقط في الأعياد، ويتم أولاً تقبيل الجد والجدة ثم الأب والأم وهكذا.
طقوس زيارات العيد
تعد زيارة العيد من أهم طقوس العيد، فمن أجلها يتم التجهيز مسبقاً لأيام، لا تتم فقط بين العائلات، بل تكون أيضاً بين الجيران والأصدقاء والمعارف؛ ليتعايدوا ويتبادلوا الزيارات.
أهم ما يميز تلك الزيارات أنها قصيرة، فالكل يريد أن يُهنّئ أكبر عدد ممكن من الأصدقاء والمعارف خلال فترة العيد، وتستمر الزيارات من صباح يوم العيد حتى المساء.
تبدأ الزيارة بالتهنئة بالعيد وبعض الأدعية، كـ»تقبل الله صالح الأعمال»، ثم تبدأ الضيافة بالكولونيا والشيكولاتة ثم القهوة التركي وحلوى العيد، وغالباً ما يتم تقديم المعجنات والمحاشي وغيرها من الأطعمة.
ماذا تفعل عندما يدق الأطفال بابك؟
يحمل العيد مفهوماً مختلفاً لدى الأطفال، خاصة أنه في الماضي كانت من العادة شراء ملابس جديدة وهدايا للأطفال قبل العيد. وفي صباح العيد يرتدي الصغار ملابسهم الجديدة ويقومون بتقبيل أيدي الكبار ويهنئونهم بالعيد، ومن يقبّل يد الكبير يحصل على العيدية (نقود العيد).
بعدها يقوم الأطفال بالتجوّل الأطفال ويقرعون الأبواب باباً باباً ويهنئون الجميع بالعيد، وعندما يفتح أصحاب البيت الباب، ويجدون أطفالاً يعطونهم حلوى أو شيكولاتة أو كعكاً وأحيانا يعطي البعض نقوداً، ويظل الأطفال يتناولون ما جمعوه طوال اليوم ويدخرون المال الذي جمعوه أو يشترون به هدايا لمن يحبون.
هل ما زالت تلك العادات قائمة؟
في الماضي كانت تلك عادات الأتراك في العيد، ولكن بتغير بناء المجتمع والعائلة مع مرور الزمن، لم تستمر تلك العادات بحاذفيرها، فتجد أن بعض الأشخاص يخططون لقضاء عطلة العيد في رحلة شخصية بدلاً من تبادل الزيارات العائلية، وحتى إن استمرت العائلات التركية التي انتقلت للعيش في البنايات الضخمة بإعطاء أطفالهم عيدية وحلوى وملابس جديدة، لكنهم لا يرسلونهم لتجميع الحلوى والشيكولاتة من الجيران.
حتى وإن لم يكن العيد كما كان عليه في الماضي، فهو حدث خاص عند الأتراك، فيحاولون تبادل الزيارات والاتصال هاتفياً، وإكرام الضيف وإسعاد أطفالهم، كما تنظم الأحزاب السياسية زيارات خاصة لكبار السن ولعائلات الشهداء.