معارك شمال سوريا تربك قوات الأسد
أوضح الناطق الرسمي باسم “الجبهة الوطنية للتحرير” ناجي مصطفى أن سبب تراجع وتيرة المعارك يعود إلى “تمكن الثوار من امتصاص صدمة التقدم الميداني للنظام وحملته العسكرية التي شنها في أرياف حماة”.
وأضاف الناطق الرسمي باسم الجبهة في حديث لـ “عربي21” رصدته الوسيلة “إن الفصائل استطاعت التثبيت في المنطقة، وصد تقدم قوات العدو، وعدم السماح لها بالتقدم على كافة المحاور”.
وأرجع ناجي مصطفى قدرة المعارضة على صد قوات النظام إلى: “تكتيكات عسكرية وخطط وضعها الضباط المنشقون داخل غرف العمليات (الفتح المبين)”.
وأكد أن “هذه الخطط أجبرت النظام على الثبات في مكانه، ولقي انهيارات كبيرة في صفوفه، ووجد أن المعركة ذهبت إلى الاستنزاف بشكل كبير في قواته، لذلك لم يتمكن من التقدم”.
وقال الناطق إن “ثبات الثوار على الجبهات، أدى إلى توقف تقدم النظام وإفشال الخطط التي وضعها العدو”.
وأوضح مصطفى أن “الأسباب عسكرية بحتة، من خلال ثبات الفصائل، وامتلاكها لقوى عسكرية نوعية وأسلحة نوعية تملكها الفصائل، واستنزاف العدو من خلال تكبيده خسائر كبيرة في الأرواح”.
مبيناً أن السلاح الذي استخدمته المعارضة ذو الأكثر فاعلية في معاركها، هو الصواريخ الموجهة المضادة للدروع: (التاو، الكورنيت، الكونكورس).
قوات المعارضة تستنزف النظام في إدلب
أكدّ المحلل العسكري العميد الركن المنشق عن النظام السوري أحمد رحال، إن المعارك في الشمال السوري باتت معارك استنزاف أكثر من كونها سيطرة على مواقع جديدة، معيداً ذلك إلى سببين:
وقال العميد المنشق إن السبب الأول هو أن: “النظام لم تعد لديه القدرة على التقدم، ذلك أن الفصائل عملت خطاً دفاعياً قوياً، وانكشفت نقاط القوة لدى النظام وتم القضاء عليها”.
وثانياً: “سيطرت الفصائل على مناطق الجبين وتل الملح وكفرهود التابعة للنظام، وقطعت الإمدادات عنه، ما أثر عليه، إلى جانب أن المناطق التي كان يمثل فيها النظام خطورة قامت المعارضة بإخلائها، وتمترست في مناطق أفضل مكنتها من صد هجوم النظام”.
وأضاف الرحال سبباً آخر، هو أن “روسيا وصلت إلى قناعة بأن جيش الأسد لا يملك إرادة القتال، وأن الفيلق الخامس لم يستطيع أن يعوض الغياب الإيراني وحزب الله، لذلك أصبح المشهد الآن معارك استنزاف”.
وأشار الرحال إلى أن: “الفصائل المسلحة لم تدخل بزخمها الكبير، من خلال السعي إلى أن تستعيد أراضي سيطر النظام عليها، “وذلك بسبب وجود عوامل سياسية تؤثر على وتيرة المعارك وهي أن الفصائل”، لا تقدر أن تتجاوز العامل التركي الذي هو عامل ضبط في المعركة”.
إقرأ أيضاً: أردوغان يتوعـد بتلقين بشار الأسد درساً مناسباً (فيديو)
واستدرك رحال بالقول: “قد يكون هناك تفاهمات روسية تركية على شيء ما، في ظل ضغوط أوروبية وأمريكية على روسيا مؤخرا، فقد سمعنا كلام الفرنسيين عن أن ما يقوم به الروس ليس عملية ضد الإرهاب بل ضد المدنيين”.
ونوه إلى أن “قوات التحالف الدولي قامت أول أمس بقتل قيادات من حرس الدين، كنوع من تعرية الموقف الروسي بأن من يريد أن يضرب الإرهاب فها هو موجود، وقامت بضربة ضده”.
وقال الرحال إن “الغاية من العملية العسكرية الأخيرة بالنسبة لروسيا، أنها فشلت بإنتاج أي حل سياسي، لذلك تحاول فرض حل عسكري بالقوة، وهذا الأمر ترفضه أمريكا، لأنها لا تقبل أن تسيطر موسكو على شمال سوريا لأن ذلك يضعف أوراقها”.
وأردف العميد المنشق: ” كذلك أن تركيا تعتبر هذه المناطق ضمن نفوذها، وأي سيطرة للنظام على هذه المنقطة، يضعف دورها على طاولة الحل السياسي، لذلك فهي تحاول تقوية وجودها العسكري هناك، لا سيما نقاط مراقبتها، الأمر الذي له أثر على سير المعارك”.
وبيّن الرحال: “أن تركيا ليست لها مصلحة في أن يخسر الجيش الحر في هذه المناطق، في حين أن روسيا تطمح لفرض حل عسكري ولكن ليس لديها قدرة لتحمل خسائر كبيرة”.
ضغوطات عسكرية على النظام
وأشار الرحال إلى أن: “المناطق التي تحت سيطرة الروس والنظام تحركت من جديد في الجنوب السوري ودير الزور، وكذلك مناطق تواجد تنظيم الدولة، وبالتالي فإن الأمر يستدعي رصد قوة عسكرية لها، بمعنى أن النظام غير قادر على زج كل قواته في معركة الشمال”.
وأكد أن تنظيم الدولة أصبح نشطا جدا ما بين المحطة الثانية والثالثة ومنطقة السخنة والبادية السورية، وكبد النظام خسائر بأرقام مذهلة، موضحاً: ” اتفاق تهدئة بين النظام والتنظيم فشل”.
وأضاف الرحال: “كذلك الجنوب السوري شهد ظهورا للمعارضة من جديد، وهناك تحركات عسكرية للثوار متجددة”.
المعارضة تستعيد زمام المبادرة
أكد المحلل السوري عماد زريق: “إن من الأسباب لعدم تمكن النظام من التقدم ميدانياً، تحوله من الهجوم إلى الدفاع بفعل فتح المعارضة لجبهات جديدة في مناطق النظام السوري، آخرها في جبل الأكراد شمال اللاذقية”.
وأضاف عماد زريق في حديث ل عربي 21 رصده موقع الوسيلة إلى أن: “المعارضة تمكنت بعد صد هجوم النظام، وتلقيه صدمة جراء ذلك، من أن تهاجم محاور مهمة داخل المناطق تحت سيطرة النظام، واستهدفت نقاط إمداداته، ما أربك خططه وجعله يتحول إلى الدفاع عوضاً عن الهجوم والتقدم أكثر في مناطق المعارضة”.
وبيّن زريق أن: “غالبية المناطق التي سبق أن تقدم فيها النظام السوري منذ بداية حملته العسكرية الميدانية في ريف حماة الشمالي، هي ساقطة عسكرية”.
وأردف المحلل السوري أنك “انسحاب المعارضة من تلك المناطق إلى مناطق إستراتيجية ومرتفعة تهيئاً لرد الهجوم بهجوم مماثل، ووضع خطط عسكرية للسيطرة على مناطق تابعة للنظام مثل الجبين وتل الملح”.
وأشار إلى: “إن النظام السوري وجد صدّا دفاعيا لم يكن يتصوره، لا سيما في مناطق عدة في ريف حماة الشمالي وكذلك في اللاذقية وتحديداً في تل الكبانة، إذ حاول مراراً السيطرة عليها ولكنه فشل حتى الآن من السيطرة على المناطق المرتفعة هناك”.
إقرأ أيضاً: قوات المعارضة تحبط محاولة تسلل قوات روسية شمال حماة وتنفذ عملية نوعية في ريف اللاذقية
وأستدرك زريق بأن: “خصائص منطقة العمليات ومعارك المعارضة، جعلت النظام ثابتاً غير قادر على التقدم، إذ إن الجغرافيا الجبلية تلعب لصالح المعارضة التي تمترست جيداً فيها”.
ولفت زريق إلى أن من الأسباب أيضاً: “التنسيق العسكري بين كامل الفصائل المسلحة في الشمال السوري، الأمر الذي لم يكن موجودا سابقا في المناطق التي سيطر عليها النظام جنوب البلاد ووسطها”.
وأكد زريق: “أن التنسيق العسكري المشترك، مكن المعارضة من الثبات، والتقدم الميداني، وإرباك النظام وروسيا في ريف حماة الشمالي”.
وختم بالقول: ” إن غرفة العمليات أمنت تنسيقا أكبر بين الفصائل، ونظمت عمليات الهجوم والدفاع”.
وتواصل قوات المعارضة تكبيد قوات الأسد والميليشيات الروسية خسائر عسكرية وبشرية في صفوفها رغم الدعم الجوي الروسي الكبير.
وتسعى قوات الأسد المدعومة بسلاح الجو الروسي للتقدم على جبهات ريف حماة في سبيل استعادة السيطرة على المثلث الاستراتيجي “تل ملح والجبين والضهرة” الذي ما زال تحت سيطرة قوات المعارضة.
وتشهد مناطق وبلدات ريفي حماة وإدلب منذ أواخر نيسان الماضي قصفاً برياً وجوياً مكثفاً من قبل قوات الأسد المدعومة بسلاح الجو الروسي موقعة عشرات الضحايا والجرحى من المدنيين.
وفي 17 سبتمبر / أيلول الماضي، أعلن الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، اتفاقا في مدينة سوتشي، لإقامة منطقة منزوعة السلاح، تفصل بين مناطق النظام والمعارضة في إدلب ومحيطها.