قادماً من مدينة حلب.. الشيخ محمود الحوت يُحاضر في أحد مساجد أضنة التركية (فيديو)
أثارت زيارة الشيخ الحلبي “محمود الحوت” المفـاجئة إلى تركيا ردود فعل كبيرة وجدلاً بين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتداول ناشطون وإعلاميون تسجيلاً مصوراً رصدته الوسيلة يظهر لحظة دخول الشيخ الحوت إلى أحد مساجد ولاية أضنة لإلقاء محاضرة هناك.
ووفق الفيديو فقد امتلأ المسجد بالمصلين ومحبي الشيخ محمود الحوت, حيث تزاحم الحضور وغالبيتهم من السوريين للاقتراب منه ومصافحته.
يشار إلى أن الشيخ محمود الحوت وصل إلى ولاية أضنة قادماً من مدينة حلب الخاضعة لسيطرة نظام الأسد, وليحل ضيفاً على تلميذه الشيخ عبد الله حافظ، والمقيم في الولاية.
وصلى الشيخ الحوت صلاة المغرب إماماً قبل أن تصطف جموع المصلين والمحبين لإلقاء التحية والسلام على الشيخ الحوت قبيل إلقاء محاضرته.
وأثارت زيارة الحوت إلى تركيا جدلاً واسعاً بين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي معتبرين أن الشيخ ترك مصر خلال سنوات الثورة السورية وعاد إلى حضن النظام لمناصرته ومباركة قـ.تل الأطفال والنساء وتهجير ملايين السوريين.
وتباينت آراء رواد مواقع التواصل بين مؤيد للشيخ الحوت وخاصة من قبل تلامذته والمقربين منه آنذاك وبين معارضين رأوا ضعف موقفه تجاه الثورة والسوريين الذين ذاقوا أقسى الظروف صعوبة.
وانتقد مغردون وإعلاميون الشيخ محمود الحوت مؤكدين أن دخوله مناطق نظام الأسد تأييد لطاغية ارتكب أفظع الجـ.رائم بحق أبناء شعبه.
وكانت مصادر معارضة قد رجحت أن لأثرياء حلب دوراً بعودة الشيخ الحوت، ومن مصلحة النظام عودة الرموز الدينية المؤثرة في هذا الوقت، وتلبية لمطالب أثرياء حلب من التجار والصناعيين، ما يمكن اعتبارها خدمة مقابل مجموعة خدمات قدمها هؤلاء للنظام في السنوات الماضية.
وبحسب مصادر لـ”المدن”، رصدتها الوسيلة فإن مفتي النظام الشيخ أحمد حسون، هو من توسط للشيخ الحوت عند النظام، إذ تربط الشيخين قرابة مصاهرة، وسبق للشيخ حسون أن توسط لأحد شيوخ آل الحوت في العام 2018 وضمن له العودة إلى حلب وعمله بعدما كان من أنصار المعارضة.
ويدير الشيخ الحوت دار النهضة للعلوم الشرعية بحلب منذ العام 1983، وهي مستقلة لا تتبع لوزارات التربية والأوقاف، وقد أسسها الشيخ محمد النبهان، في العام 1964. وكانت الدار تخرج بشكل سنوي عشرات الأئمة وخطباء المساجد، وتعتمد على الهبات المالية والدعم الذي يقدمه التجار والصناعيون.
إقرأ أيضاً: الشيخ الذي طلب من بشار الأسد تغطية زوجته بالحجاب يعود إلى حضن الوطن!
وعلى الرغم من وجود مدارس شرعية تابعة للنظام في حلب وريفها، إلا أن المشايخ الخريجين من دار النهضة كان لهم الحظ الوافر في تولي مهام الخطابة والإمامة في مساجد حلب وريفها وبشكل أقل في ادلب. خريجو المدارس الشرعية الأخرى كانوا يفضلون إكمال دراساتهم في كلية الشريعة والتحول إلى قطاع التعليم بدل الخطابة.
الشيخ الحوت والثورة
لمع اسم الشيخ الحوت في حلب خلال العقود الثلاثة التي سبقت الثورة السورية، واعتبر أحد أهم علمائها، ويتمتع بقوة التأثير والخطابة. وكان أهالي حلب يحتشدون بالآلاف في جامع دار النهضة لحضور خطبته الجمعة. وكان له مريدون ومحبون بالآلاف، وحظى باحترام المشايخ الخريجين من دار النهضة الذين لم يعصوا أمراً له، بما يشبه نظام البيعة الإسلامية. وكان الشيخ الحوت مقرباً من أثرياء المدينة الأمر الذي سهل استمرار الدعم المقدم للدار ومواصلة عمليات التوسعة التي حدثت في عهده.
عوّلت المعارضة كثيراً على اصطفاف الشيخ الحوت مع الثورة في بداياتها الأولى، وافترضت أن بإمكانه ترجيح كفتها أمام الموالاة، إذ أن موقفه كان سيضمن انضمام طيف واسع من الحلبيين للثورة. الشيخ الحوت خذل الثورة، وظهر ذلك أكثر من مرة في خطبه التي ألقاها في جامع الدار في حي باب الحديد، في الوقت الذي كانت فيه مدن الريف الحلبي وبعض أحياء المدينة تشهد مظاهرات مناهضة للنظام. إذ حرّم الشيخ الخروج على الحاكم، ولو كان كافراً، منعاً لسفك الدماء، مستشهداً بأحاديث نبوية وآيات قرآنية. وقال إن جور السلطان 50 سنة أفضل من جور الهرج شهراً واحداً. واتهم الحوت المتظاهرين بأنهم لا يعرفون الصلاة والعبادات.
وفي جلسة خاصة مع خريجي ومشايخ دار النهضة، قال الشيخ الحوت، إنه اجتمع ببشار الأسد، ودعاه إلى أن “يغطي زوجته ويمنع الدعارة ويوقف القتل، ويجد حلاً للأزمة ومطالب المتظاهرين”، وبذلك “أسقط الواجب الشرعي عن كل المشايخ من أتباع الدار”، وحذرهم من الانجرار خلف الإعلام والشيخ عدنان العرعور وميشيل كيلو، ودعاهم لأن “يلتزموا بيوتهم ويمسكوا عليهم ألسنتهم”، وذلك أفضل من أن تدمر دار النهضة ويسحب مشايخها إلى فروع الأمن. ودعا الحوت طلاب الدراسات العليا في جامعة الأزهر، وهم من أتباع دار النهضة لعدم المشاركة في مظاهرات مصر، ولا الادلاء بأي تصريح أو اتخاذ موقف منها.
خرج الشيخ الحوت من حلب في العام 2012 قبل دخول المعارضة المسلحة إلى المدينة، واستقر في دمياط بمصر طيلة السنوات الماضية.