أحد أهم حلفاء أردوغان يستقيل من الحزب الحاكم.. ويمهد لتأسيس حزب جديد
أعلن نائب رئيس الوزراء التركي السابق وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، علي باباجان، استقالته من العضوية في الحزب الذي يرأسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال باباجان في بيان نشرته وسائل إعلام تركية اليوم، الاثنين 8 من تموز، “من المؤسف أنه ليس من الممكن لي أن أستمر في العضوية التأسيسية لحزب العدالة والتنمية، واعتبارًا من اليوم قدمت استقالتي في مقر الحزب”، وفق ما نقلت جريدة عنب بلدي.
وجاء في بيان باباجان “لقد كنت عضوًا مؤسسًا لحزب العدالة والتنمية في آب 2001، وبعد انتخابات 3 تشرين الثاني 2002 أصبحت عضوًا في مجلس الوزراء لمدة 14 عامًا”.
وأضاف باباجان، “في السنوات الأخيرة كانت هناك اختلافات عميقة بين الممارسات في العديد من المجالات والمبادئ والقيم والأفكار التي أؤمن بها، ولقد واجهت انفصالًا عن العقل والقلب”.
وجاء في نص البيان، “واجهت تركيا اختبارًا جديدًا في نفس العملية (…) لقد تغير العالم بسرعة في بلدنا، ولدينا أجيال جديدة لها مستقبل حيوي يعد بمستقبل مشرق وله توقعات مختلفة تمامًا”.
وأشار باباجان إلى أن “هناك حاجة لرؤية جديدة لمستقبل تركيا، ويتطلب بلدنا تحليلات صحيحة واستراتيجيات وخططًا وبرامج إعادة التفكير في كل مجال”.
حزب جديد طور التشكيل
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مستشارين سياسيين نهاية الأسبوع الماضي قولهما إن باباجان وغل -وهما من أبرز مؤسسي حزب العدالة والتنمية- يستعدان لإطلاق حزب جديد.
وقال أحد المستشارين إن الإعلان سيكون في الخريف على الأرجح، مضيفا أن سياسات الحزب الجديد ستضاهي بدايات حزب العدالة والتنمية الذي تأسس عام 2001.
وذكر المصدر الآخر أن باباجان وغل يفكران في إنشاء الحزب منذ نحو ستة أشهر، وأن الفكرة تعززت بعد خسارة العدالة والتنمية للمدن الرئيسية في الانتخابات البلدية التي جرت يوم 31 مارس/آذار الماضي، والتي تأكدت في الانتخابات المعادة على رئاسة بلدية إسطنبول.
في السياق نفسه، قال الكاتب في صحيفة “خبر ترك” محرم صاري قايا -وفقا لتقرير ترجمه موقع ترك برس- إن باباجان أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقراره إنشاء حزب جديد. لكن هذا النبأ الذي جرى تداوله أيضا في عدد من المنصات الإعلامية، ما زال غير مؤكد.
ويضيف صاري قايا أنه لا بد لباباجان أن يستقيل من حزب العدالة والتنمية الحاكم لأنه عضو في مجلس المؤسسين، وستتبعه لاحقا شخصيات أخرى مثل بشير أطلاي ونهاد أرغون.
ويشير الصحفي التركي إلى أن باباجان ورفاقه لا يريدون الظهور بمظهر منشقين عن العدالة والتنمية ويتحركون بشكل متحفظ. وحتى فيما يتعلق باسم الحزب، يسعى المؤسسون لاختيار اسم بعيد عن “العدالة والتنمية”. وأضاف أن الموعد المتوقع لإعلان الحزب هو سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول القادمان، بينما أشارت مصادر أخرى إلى مواعيد أبكر من ذلك.
وفي موازاة هذه الحركة، يُعتقد أن رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو -العضو البارز في الحزب الحاكم الذي اختلف مع أردوغان- يسعى هو أيضا إلى إنشاء حزب جديد. وكانت الأنباء قد تضاربت بادئ الأمر بشأن احتمال تعاون غل وباباجان وداود أوغلو لإنشاء حزب واحد، غير أن أغلب المصادر ترجح في الآونة الأخيرة أن يتخذ داود أوغلو مسارا منفصلا عنهما.
وعن هذه التطورات والأخبار المتضاربة، قال الكاتب في صحيفة “خبر ترك” فاتح ألطايلي -وفقا لترجمة موقع ترك برس– إنه ما من أحد في حزب العدالة والتنمية يأخذ الحزب المزمع لداود أوغلو على محمل الجد، ولا تعتقد أوساط العدالة والتنمية أن لداود أوغلو حاضنة شعبية، ولا ترى أن بإمكانه تحقيق شيء ما.
لكنّ هناك ترقبا وقلقا بخصوص ما سيفعله علي باباجان وعبد الله غل وفقا للكاتب، إذ تقول أوساط العدالة والتنمية إنهما قد يحققان شيئا، “لأنهما سيحصلان على دعم من الداخل والخارج، وأوساط الأعمال ستتحمس لهذا التكتل، والسياسة الغربية والمؤسسات الدولية ستتقبله وتجري اتصالات معه فورًا، وإذا شارك في الانتخابات فقد يحصل على 20% أو ربما أكثر”.
إقرأ أيضاً: محلل سياسي تركي يكشف أسباب خسارة حزب أردوغان رئاسة بلدية اسطنبول
ويضيف الكاتب أن باباجان وغل ليسا في عجلة من أمرهما، ولا يريدان الشروع في العمل مبكرا، لأنه لن تجرى انتخابات طوال أربع سنوات على الأرجح (حتى 2023 موعد الانتخابات العامة المقبلة)، ولأنهما لا يريدان أن يكونا مستهدفين من حزب العدالة والتنمية وزعيمه الرئيس أردوغان على مدار أربع سنوات.
لكنه يستدرك أنهما لا يغفلان أيضا احتمالا ضئيلا للتوجه إلى انتخابات مبكرة. وعن سياسة الحزب الجديد يقول الكاتب إن باباجان يريد تشكيل حزب يضم جميع الأطياف في إطار “محافظ جديد-ليبرالي جديد”.
من هو باباجان؟
ويبقى باباجان هو الأكثر بروزاً في الصحافة التركية خلال الأيام الماضية، وهو من مواليد 1967، نائب عن أردوغان عندما كان في منصب رئاسة الوزراء للشأن الاقتصادي، واستمر زمن داوُد أوغلو، وشغل منصب وزارة الاقتصاد، وقبلها الخارجية، كما أنه كان المفاوض في ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
تخرج في جامعة تيد في أنقرة عام 1985، ثم درس في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة عام 1989، وحصل على البكالوريوس في الهندسة الصناعية، ثم حصل على الماجستير في إدارة الأعمال من معهد كيلوغ للإدارة في جامعة نورث في ولاية إلينوي الأمريكية.
دخل المعترك السياسي عام 2002 بوصفه أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية وعضو مجلس الإدارة فيه، ثم انتخب نائباً في البرلمان التركي عن مدينة أنقرة من ذات العام، وعين وزيراً للشؤون الاقتصادية، في 18 نوفمبر 2002، وكان أصغر عضو في مجلس الوزراء وعمره 35 سنة.
ساهم باباجان في إصلاح الوضع الاقتصادي في تركيا محققاً الانتعاش الاقتصادي بعد سنتين من مباشرة عمله، بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية التي عانتها الدولة، وحاول دائماً الابتعاد عن الساحة السياسية والتركيز على الإصلاح الاقتصادي.