الأردن يتجاهل دول الخليج ويتجه بخطوات ثابتة لتوطيد علاقاته بتركيا وقطر
اتخذت السياسة الخارجية للمملكة الأردنية الهاشمية الأردنية، خلال الفترة الأخيرة، مساراً مغايراً، موجهة أنظارها إلى قطر وحليفتها تركيا بعيداً عن السعودية ودول الخليج.
وسعى مسؤولون أتراك وأردنيون بارزون بحسب ما ذكرت وكالة رويترز عن مصادر دبلوماسية ورصد موقع الوسيلة لتوطيد العلاقات خلال محادثات جرت يوم الثلاثاء وذلك بعد أيام من عودة العلاقات الدبلوماسية كاملة بين الأردن وقطر، حليفة أنقرة.
واعتبر مسؤولون أن التقارب الحاصل بين الأردن والحليفتين تركيا وقطر على إنه ابتعاد من المملكة الهاشمية عن شركائها التقليديين من دول الخليج العربي.
وكشفت المصادر الدبلوماسية أن: ” وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اجتمع مع نظيره الأردني أيمن الصفدي بينما أجرى مدير المخابرات التركية ووزير الدفاع ورئيس الأركان محادثات مع مسؤولين أردنيين بارزين”.
وأصدرت وزارة الخارجية الأردنية بياناً جاء فيه: “إن البلدين اتفقا على تعزيز علاقاتهما وتوسعة التعاون الاقتصادي وتعميق التنسيق إزاء القضايا الإقليمية”.
وعين الأردن سفيرا جديدا في الدوحة الأسبوع الماضي بعد عامين من سحب السفير تضامنا مع الحلفاء في الخليج الذين قطعوا علاقاتهم مع قطر، متهمين إياها بدعم الإرهاب وهو اتهام تنفيه الدوحة، متجاهلاً بذلك السعودية.
ويقول مسؤولون ودبلوماسيون في أحاديث خاصة إن توطيد العلاقات مع تركيا وقطر، وهما غريمتان للسعودية، تحول في السياسة الخارجية الأردنية التي دعمت في السنوات الأخيرة الرياض والإمارات في الصراعات الإقليمية والعربية.
ولطالما أبدى مسؤولون أردنيون قلقهم من تنامي نفوذ تركيا في العالم العربي، واستخدامها لهذا النفوذ باعتبارها قوة سنية كبيرة للتنافس مع السعودية.
وتعتمد عمان على الأسر الحاكمة في الخليج لتعزيز اقتصادها المثقل بالديون.
وتراجعت دول الخليج في السنوات الأخيرة عن تعهداتها بمساعدة عمان بملايين الدولارات لتخفيف آثار إصلاحات صندوق النقد الدولي التقشفية على اقتصادها الذي تنقصه السيولة.
وتحول تركيز دول الخليج العربية في سياساتها الخارجية إلى صراعها مع إيران بل ويدعو بعض المسؤولين إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وأدى هذا التطور لوضع عمان في حالة عزلة في مواجهة احتمال أن تتخلى واشنطن عن فكرة قيام دولة فلسطينية بموجب أي خطة مستقبلية للسلام في الشرق الأوسط.
وتخلى الأردن عن اتفاقية للتجارة الحرة مع تركيا العام الماضي تحت ضغط من الحلفاء في الخليج الذين يسعون لتحجيم الدور التركي في المنطقة، بحسب رجال أعمال ومسؤولين.
وتسارعت وتيرته التقارب المتزايد مع أنقرة وقطر بحسب مصادر دبلوماسية منذ غير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقودا من السياسية الأمريكية واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وعبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تأييده الصريح لدور الأسرة الهاشمية بقيادة الملك عبد الله في الوصاية الدينية على المواقع الإسلامية في المدينة المقدسة.
وتخشى عمان من أن خطة ترامب التي لم يكشف عنها بعد تسعى لتقويض هذا الدور.
وفي مؤشر آخر على الابتعاد عن الخليج، رفع الأردن في الشهور الأخيرة القيود على نشاط جماعة الإخوان المسلمين أكبر جماعة معارضة في البلاد.
وتعتبر كثير من دول الخليج الإخوان المسلمين منظمة إرهابية بينما تقول الجماعة إن نشاطها سلمي.
إقرأ أيضاً: شابان سوريان يُجـبران ملك الأردن على النزول من سيارته.. هذا ما لفت انتباهه! (فيديو)
وفي وقت سابق، اعتبرت صحيفة “تايمز” البريطانية أن الأردن اضطر تحت ضغوط الظروف للتخلي عن شركائه التقليديين، وفي مقدمتهم السعودية، وبدأ التفاوض مع كبار خصوم الرياض في المنطقة”.
وقالت الصحيفة في تقرير رصده موقع الوسيلة: “أجبر الأردن في الآونة الأخيرة على التحرك قريبا من تركيا وإيران وقطر، متخليا عن حلفائه التقليديين؛ وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها، والسياسات العدوانية للسعودية”
وأضافت الصحيفة: “إن الملك الأردني غاضب من الرئيس دونالد ترامب، الذي دافع عن المصالح الإسرائيلية بقوة، خاصة أن أكثر من نصف سكان الأردن هم من أصول فلسطيني”.
ويورد التقرير نقلا عن المسؤولين، قولهم إن الأردن كان مستقرا عندما كانت علاقاته جيدة مع جيرانه العرب، خاصة أن مصالحه تحتاج دائما لنهج متوازن، إلا أن المطلعين على الأمور يقولون إن السعودية تطلب من حلفائها دعم جانبها ضد أعدائها.
وينقل الكاتب عن مصدر، قوله: “علاقاتنا تعتمد على مصالحنا”، وأضاف: “ليس للأردن أي نزاع مع تركيا أو قطر ولا إيران، وبعدنا عن كل منها يعتمد على ما ينفعنا”.
وتبين الصحيفة أن الأردن، على خلاف جيرانه، لا توجد فيه مصادر طبيعية، وواجه منذ الحرب الأهلية السورية عام 2011 تدفق 1.5 مليون لاجئ سوري إلى أراضيه، لافتة إلى أنه في الوقت ذاته فإن السعودية، التي تواجه خفضا في ميزانيتها، وتراجعا في سعر النفط، قطعت المساعدات التي تقدمها عادة للأردن.
وفي شهر شباط/ فبراير التقى الملك عبد الله الثاني مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو الرجل الذي ظل يهاجمه وإن لم يكن علنا، واتفق الزعيمان على التنسيق في الموضوع الإسرائيلي-الفلسطيني، والتقيا في أثناء الحرب الكلامية بين أردوغان والسعودية، عقب مقتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول، العام الماضي.
وتذكر الصحيفة أن الملك عبد الله الثاني ذهب خطوة أبعد، عندما أرسل رسالة لأمير قطر حول “العلاقات الثنائية” بين البلدين، فيما لا تزال قطر تعاني من حصار جيرانها منذ عامين.