شقيقتان متفوقتان تعملان في سوق للخضار والفواكه بدمشق
خاص – الوسيلة:
لم يكن أمام الشقيقتين “رهام” و”فرح” إلا طريق واحدة لمواجهة الوضع المعيشي الصعب لأسرتهن بعد انسداد كل الطرق أمام “رهام” المتفوقة والحاصلة على المركز الأول في المعهد المتوسط الزراعي في “دمشق” ويأسها من الحصول على وظيفة حكومية.
اختارت الشقيقتان مهنة قد يراها كثر لا تليق بهما كفتاتين, تبيعان الخضار والفوكه في دكان وسط السوق منذ الصباح وحتى سواد الليل.
إلا أن وجهة نظر الفتاتين الطموحتين مختلفاً, فهما تعينان والدهما المريض على تلبية احتياجات المنزل وتصنعان حياة لأسرتهما من وراء الوقوف خلف الميزان لساعات طويلة.
تدخل الشقيقتان “رهام” و”فرح” إلى سوق الخضار لا كما تدخله باقي النساء والفتيات للتسوق وشراء حاجيات البيت, إنما تبدأ الفتاتان يومهما في سوق الخضار كبائعتين للخضار والفواكه لكسب المال ومواصلة حياتهما وحياة أسرتهما في ظل الظروف القاسية.
كيف جاءت الفكرة؟
قالت “رهام” لموقع سناك سوري حسبما رصد موقع الوسيلة “بعد أن خسرت فرصتي بإتمام دراستي الجامعية، بسبب عدم وصولنا نحن المتفوقين والمتفوقات إلى خمسة عشرة خريج وخريجة، ولم أجد وظيفة حكومية، اقترحت على والدي المتقاعد المريض، أن نفتح محل للخضار، نبيع فيه أنا وأختي”.
وأضافت “رهام”: “اقترحنا أن يقتصر دور أبينا المريض على إحضار البضاعة صباحاً من سوق الهال، إلا أنه لم يوافق”.
وأشارت رهام إلى أن الظروف المعيشية الصعبة أجبرت الأب على الموافقة.
وتابعت “رهام”: “الوضع المعيشي الصعب لأسرتنا المكونة من أمي وأبي وأختاي، وغلاء الإيجارات، أجبروه على الموافقة”.
وعن صعوبات عملهما في الدكان بعد استئجاره ووضع البضاعة بداخله, أكدت “رهام” أن الأمر لم يكن بهذه البساطة.
وأوضحت رهام: “كنا الفتاتان الوحيدتان في السوق، حيث يوجد في الأسواق المجاورة نساء، لكن أكبر منا عمرا، ويعملن في محلات البالة والملابس والمكياج والحلاقة، أما نحن الوحيدتان نبيع الخضار”.
بدوره “فرح”, استلمت أطراف الحديث بعد أن تركت توضيب الأغراض والالتفات إلى الزبائن لشقيقتها.
وتشرح فرح ردة فعل الزبائن في بداية عملهما: “كانوا يتساءلون عن أخ لنا، ثم اعتادوا علينا، لم نتعرض لأي ازعاج من أي أحد، بل على العكس نلق التشجيع والاحترام”.
وبحسب ما ذكرت, “فرح” الحاصلة على شهادة الثانوية العامة لا تهتم بكلام الناس ولا تجد أي حرج في عملها, والمهم أنها تعمل وتكسب دخلاً لأسرتها يساعدها في ظل هذا الوضع الصعب.
إقرأ أيضاً: سوريات يتحدين ضغوط المجتمع السوري ويرفضن الأمومة
ويبقى حلم رهام, حسب قولها, هو الحصول على وظيفة حكومية ثابتة بمجال عملها الزراعة لكي تضمن لها مستقبلاً واستمرارية, باعتبار أن العمل في الدكان المستأجر مؤقتاً وقلق المطالبة به لا يفارقها.
وعلى الرغم من كل المتاعب التي واجهت الفتاتان إلا أنهما سعيدتان واثقتان بعملهما ولا تجدان أي حرج به, ويكفيهما فخراً أنهما تعيلان أسرة وتصنعان مستقبلاً جديداً, حسبما توضيحهما.
يشار إلى أن “فرح” و”رهام” كسرتا الصورة النمطية في العمل ومقولة ” البنت خلقت للبيت” وتمكنتا من صنع مستقبل لهما في ظل ظروف قاسية وانعدام فرص العمل وعجز الشباب عن إيجادها.
وكانت الحرب التي ألمت بالبلاد منذ عام 2011 قد غيرت الكثير من القواعد النمطية وصنعت أجيالاً قادرة على مواجهة الظروف وكسر القيود المفروضة على النساء والفتيات حتى أصبحت قيادات لأسر بأكملها وصانعات أجيال حقيقيات.