روسيا تتبع أسلوباً عسكرياً جديداً في معارك إدلب
اعتمدت قوات الأسد بالتعاون مع القوات الروسية البريّة أسلوب المعارك الليلية خلال الشهر المُنصرم في سابقةٍ هي الأولى من نوعها، وبدأت أولى هجـماتها الليلية منتصف الشهر الماضي أثناء استعادة السيطرة على قرية “الحماميات” في ريف حماة الشمالي، وذلك بعكس أعوام الحرب الثمانية والتي كانت جلّ عملياتها العسكرية نهاراً، مما يعني هناك تغيّرا ملحوظا في الإمكانيات العسكرية لهذه الميليشيات.
وأوّل من استخدم هذا الأسلوب هي القوات البرية الروسية المُجهزة بكل التجهيزات الليلية خلال تسلّلها إلى حرش القصابية وكذلك إلى قرية الحاكورة في سهل الغاب، بالإضافة لنقطة رباط في ريف إدلب الشرقي، وبعدها تم تعميم هذه العمليات في أغلب التكتيكات العسكرية الجارية في ريف حماة الشمالي.
قوات روسية مُجهّزة ليلاً
وبثّت بعض الوكالات الاعلامية الروسية تقارير مصورة لها أثناء تغطيتها تقدّم بعض القوات البرية الروسية الخاصة مع قوات الأسد على جبهات ريف حماة الشمالي ليلاً.
وبهذا السياق، يقول الخبير العسكري العميد أحمد رحال لـ “أورينت نت“، “باتت القوات الروسية وقوات الأسد تعتمد أسلوب القتال الليلي، وذلك بعد مشاركة شركات القتال الروسية الخاصة كشركة “شيت” والمعروفة بالدرع، وهذه الشركات مُجهزة بكافة التجهيزات الليلية والتي يصعب كشفها بالعين المجردة أو التجهيزات العادية، ونفّذت هذه القوات عدة عمليات تسلل وشاركت بعدة معارك في ريفيّ حماة وادلب”.
وأكّد على ذلك، القيادي في الجبهة الوطنية للتحرير، النقيب عبد السلام عبد الرزاق متحدثاً لأورينت نت حول هذا الأسلوب العسكري الجديد، وقال “أجرت القوات الروسية والميليشيات الموالية لها عدة تغييرات وتكتيكات عسكرية خلال معارك ريف حماة، وبعد تغيير قيادات عسكرية وإدخال قوات عسكرية جديدة ومدربة على العمليات العسكرية الليلية كالقوات الروسية الخاصة، قادت هذه القوات العمليات العسكرية الليلية بسبب جهوزيتها لمثل هذه العمليات وتجهيزاتها الليلية الخاصة”.
كما اعتبر القيادي في جيش العزة، المقدم سامر الصالح خلال حديثه مع أورينت نت، أن وصول القوات البرية الروسية ودخولها معركة ريف حماة برّياً، كان من أهم أسباب تغيير التكتيك العسكري من النهار إلى الليل بسبب التجهيزات والتدريبات الخاصة لهذه القوات.
أسلحة روسية ليلية حديثة
أشارت بعض المصادر العسكرية إلى أن ميليشيا “الفيلق الخامس” استلم مؤخراً ما يُقارب 50 دبابة روسية من نوع “T 90” المجهّزة للعمليات القتالية الليلية، ويُشرف قائد الفيلق اللواء “زيد صالح” على توزيعها على مجموعات الاقتحام التابعة للفيلق وباقي الميليشيات.
ورأى المقدم سامر الصالح أن، “زجّ الدبابات الحديثة من نوع T90 في معارك ريف حماة، ساهم بقوة في العمليات العسكرية الليلية التي تُدار في ريف حماة الشمالي بقيادة القوات البرية الروسية، وبدعم كامل منها”.
كما اعتبر النقيب عبد السلام عبد الرزاق أن، “روسيا أدخلت إلى أرض المعركة في حماة عربات مدرعة مجهزة بأجهزة رؤيا ليلية، وهذه كانت نقطة تفوق لهم على فصائل الثوار بادئ الأمر، مما سمح لهم باحتلال عدة مناطق في ريف حماة الشمالي خلال هذا التكتيك”.
إقرأ أيضاً: فصائل إدلب تجتمع مع الجانب التركي.. وضابط تركي يكشف مصير إدلب
وأما الخبير العسكري المقدم أحمد العطار شرح بتفاصيل أكثر هذه الأسلحة بقوله لأورينت نت، “بعد فشل القوات الروسية والميليشيات التابعة لها في معارك ريف حماة خلال الحملة الأخيرة، حاولت هذه القوات بتغيير أساليب القتال فاتّبعت القتال الليلي، ولكن هذا الأسلوب يحتاج لأسلحة مجهزة لمثل هذا النوع، بالإضافة لوجود العنصر البشري المُدرّب لمثل هذا الأسلوب، ولذلك تم تركيب كاميرات حرارية على منظومات الدفاع “فولغا”، وكاميرات حرارية على عربات الشيلكا والدبابات المقتحمة، مما يوفر رؤية ليلية ضمن قطاع بحدود 10 كم”.
وأضاف العطار، “كما تم استخدام طائرات الاستطلاع الروسية المجهزة بعدسات ليلية من أجل تصحيح رمايات المدفعية وتحديد الأهداف للطيران الحربي، بالإضافة لوجود أسلحة م/د الليلية والتي حدّت من تحرك الثوار ضمن الخطوط الأولى للمعارك في ريف حماة”.
إجراءات مناوئة لهذا الأسلوب
ونصح الخبير العسكري أحمد العطّار فصائل الثوار باتّباع الإجراءات التالية بقوله، “لتجنّب هذا التكتيك الليلي على فصائل الثوار الاعتماد على معارك الأنفاق والنقاط المحصّنة، بالإضافة لاستخدام الدخان الأبيض الأكثر تمويهاً، وكذلك تجهيز عناصر الثوار بمظلات رأسية تمنع عمليات السطع والرصد الحراري للعنصر”.
وعن نفس الإجراءات قال النقيب عبد الرزاق، “الحل الأهم لمثل هكذا تكتيك هو التجهيز الهندسي داخل أرض المعركة، والتمويه الجيد الذي يُعيق التقدّم ليلاً للقوات الروسية والميليشيات الموالية لها، ولكن الأهم هو أخذ زمام المبادرة من فصائل الثوار ونقل المعركة للزمان والمكان الذي يُريده الثوار لا أعداؤهم”.
فيما طالب العميد أحمد رحال الحلفاء والفصائل بتجهيز العناصر في الخطوط الأولى بتجهيزات قتال ليلية خاصة، بالإضافة لزرع الخطوط المتقدمة بالألغام المضادة للأفراد والآليات، مما يسهل كشف المتقدمين قبل وصولهم ويحدّ من تقدمهم.
إقرأ أيضاً: بعد دعوات للمشاركة في معارك إدلب.. هكذا رد قادة في الجيش الوطني
بينما الناشط فادي ياسين رأى أن، “الخسائر الفادحة التي مُنيت بها قوات الأسد خلال معارك ريف حماة في الأشهر الثلاثة الماضية وخاصة خسائر السلاح الثقيل بسبب سلاح الثوار م/د، جعلهم يُغيّروا أسلوب قتالهم إلى التكتيك الليلي، وهذا يتطلّب تجهيزات عسكرية ليلية للثوار بالإضافة لأسلحة الـ م/د الليلية الفعّالة، وهذا ما رأيناه مؤخراً بعد تدمير عدة آليات لقوات الأسد ليلاً خلال تحركاتهم الأخيرة”.