الذهب يُسجل أعلى ارتفاع له في تاريخ سوريا
سجّل الذهب أعلى ارتفاع له في تاريخ سوريا، متخطياً عتبة 24000 ليرة سورية للغرام الواحد من عيار 21، أي ما يعادل 40 دولاراً أميركياً، في سعر جديد لم يُسجل سابقاً ولأول مرة في تاريخ الاقتصاد السوري.
ويواصل المعدن النفيس ارتفاعه المحموم منذ أكثر من عام، من دون توقف أو هبوط، بعد استقراره عند حدود 18 ألف ليرة سورية. ولم يتوقع الاقتصاديون أن يصل إلى هذا الرقم في مؤشرات على ارتفاعات إضافية لن تكون حادة بطبيعة الحال، وفق رأي خبراء.
ارتفاع بعد استقرار
اعتبرت الجمعية الحرفية للصاغة في دمشق هذا الرقم غير المسبوق، الذي خالف كل التوقعات، بيد أنه سجّل أكبر ارتفاعاته في وقت سابق لأرقام وصلت بين 20000 إلى 22000 ليرة سورية، تراجع بعدها ليستقر على عتبة 18 ألف ليرة سورية. وقال مصدر من جمعية الصاغة “في آخر ارتفاع للذهب، وصل سعر الغرام الواحد إلى 24600 ليرة سورية والشراء 23900 ليرة، في وقت أعلنت الجمعية ارتفاع عيار 18 مبيع 20571 وشراء 20471، ولا يزال الذهب يواصل ارتفاعه وسط حالة عامة من الركود في البيع والشراء”.
توترات اقتصادية
ويبدو من العسير على المراقبين الاقتصاديين التنبؤ بمجريات أسواق المعادن والعملات الأجنبية وأسعار صرفها، في ظل توتر الواقع الاقتصادي والتبدلات في مناخ الاستثمار في دمشق، وما يرافقهما من عقوبات على الشركات العامة والخاصة في البلاد.
في سياق متصل، يرى الخبير الاقتصادي رضوان مبيض، أن “مردّ هذا الارتفاع للذهب في سوريا يعود لعوامل منها عالمي يتعلق بالتوترات الأخيرة والتصعيد بين الولايات المتحدة والصين وانعكاسات هذه الحرب التجارية على اليوان العملة النقدية للصين، وزيادة الطلب على المعادن النفيسة ومنها الذهب”.
ويجمل مبيض أسباب أخرى منها “التأثيرات الدولية وحرب الناقلات النفطية في الخليج، والتخوف من حرب إيرانية – أميركية دفعت إلى شراء كميات من الذهب وارتفاع قاربت نسبته الواحد في المئة، وسط مخاوف من تباطؤ النمو العالمي”.
ارتفاع المعدن الأصفر في سوريا لا تتوقف أسبابه وفق مبيض، عند التوترات التجارية الدولية، واشتعال الحروب بين عمالقة الشركات والحكومات، فللعوامل المحلية دور أيضاً، إذ لا تزال البلاد رازحة تحت حرب، إحدى أوجهها المعركة الاقتصادية”.
إلى جانب تلك العوامل، يمكن إضافة تدهور العملة السورية بعد عام 2011، فقبله شكل سعر الصرف 50 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، وكل ذلك دفع بالسوريين إلى استبدال عملتهم بالذهب وشراء كميات إضافية، في حين أن سوريا احتلت المركز العاشر عربياً في احتياطي الذهب، وبلغ حجم الاحتياط لديها 25.8 أطنان، وفق بيانات مجلس الذهب العالمي.
ارتفاع الأسعار
إزاء ذلك، يتجه السوريون وسط ظروف معيشية صعبة، إلى تبديل مدّخراتهم بعملات أجنبية أبرزها الدولار، أو شراء الذهب وادّخاره، خوفاً من حروب إضافية تشعل البلاد بعد استقرارها، في وقت يتراجع دخل الفرد.
مقابل ذلك، يأتي ارتفاع سعر الذهب وسط ثبات سعر صرف الدولار لأسبوع، بعد ارتفاع له أيضاً تجاوز حاجز الـ 600 ليرة سورية خارج المصرف المركزي وأسواق التصريف الحرة أو “السوداء”، وهو سعر معتمد وتُحدد على أساسه التعاملات وحركة الأسواق والتجارة الداخلية كسعر صرف حقيقي.
إقرأ أيضاً: بحيلة خادعة هكذا سـرق لص 15 إسوارة و12 ليرة ذهبية من صائغ بدمشق
من جهته، ثبّت المصرف المركزي في سوريا سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية بحدود 430 ليرة سورية مقابل الدولار، ومع ذلك لا يجري التعامل بهذا السعر سوى في المراكز الحكومية، كسعر حقيقي فقط.
وفي سياق متصل، تسعى العاصمة السورية عبر الأقنية والفعاليات الاقتصادية والحرفية، إلى إعطاء الموافقة الأولية لبناء أكبر تجمع للذهب في البلاد في مدينة حلب شمالاً، وهي عاصمة سوريا الاقتصادية، وأُطلق عليها مدينة الذهب باعتبار أنها تضم ورشات صناعة المجوهرات، إلى جانب مرافق خدماتية.