أخبار سوريا

الروس لن يتوقفوا عند خان شيخون.. ومحللون يكشفون أن مايجري ليس أكثر مِن اتفاقات مسبقة!

الوسيلة – متابعات:

شهدّت الساعات الأخيرة مِن اليوم الثلاثاء، تقدّماًً لـ قوات الأسد في مدينة خان شيخون جنوب إدلب ومناطق عدّة مجاورة لشمال حماة، وسط قصفٍ مكثّف بمختلف أنواع الأسلحة على المنطقة، شاركت فيه عشرات الطائرات الحربية التابعة لـ”النظام” وروسيا.

وتواردت الأنباء عن سيطرة – شبه كاملة – لـ قوات النظام على مدينة خان شيخون، بعد سيطرتها على محور “تل النمر” عند المدخل الشمالي الغربي للمدينة، واضطرار الفصائل العسكرية للانسحاب تحت وابل القصف الجوي الكثيف، فضلاً عن انسحاب الفصائل المتمركزة في ريف حماة الشمالي المجاور، الذي بات خالياً مِن أي وجود عسكري أو مدني، إلى شمال خان شيخون.

وقالت بعض قوى المعارضة المسلحة إنها انسحبت من مناطق بريف حماة الشمالي الذي تتواجد فيها نقطة المراقبة التاسعة التركية بعد تقدم قوات النظام لمدينة خان شيخون، من جانبه قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو اليوم الثلاثاء، إن بلاده لا تنوي نقل نقطة المراقبة التاسعة في ريف حماة إلى مكان آخر، وتابع إن على النظام السوري “ألا يلعب بالنار وسنفعل كل ما يلزم من أجل سلامة جنودنا”، في إشارة إلى تعرض رتل عسكري تركي للقصف في إدلب أمس.

وتقع نقطة المراقبة التاسعة في محيط مدينة مورك بريف حماة، وسبق أن تعرضت لقصف سابق أكثر من مرة من قبل قوات النظام ما أوقع قتلى وجرحى بصفوف الجيش التركي.
من جانبها اعترفت وزارة الخارجية الروسية بوجود قوات من جيشها برفقة قوات النظام في محافظة إدلب.

ونقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي ظهر اليوم؛ قوله إنه يوجد أفراد من الجيش الروسي متمركزين في محافظة إدلب وإن موسكو تتابع الوضع عن كثب، كما هدد لافروف من مغبة استهداف قوات بلاده في سوريا وتعهد بالرد على أي استهداف للعسكريين الروس في إدلب.

وتشي التطورات السريعة اليوم بحدوث احتمال تصاعد الخلاف بين أنقرة وموسكو خلال المرحلة المقبلة بسبب استمرار وتوسع الحملة على إدلب.

رسالة إمتعاض روسية

الباحث والاستراتيجي “عبد الله تشفجي” ذهب في مداخلة تلفزيونية أجراها مع قناة “تي غي ري تي” إلى أنّ استهداف الرتل العسكري التركي هو رسالة من روسيا تعبّر فيها عن امتعاضها من الاتفاق التركي-الأمريكي حول المنطقة الآمنة في سوريا.

وأعرب تشفجي عن عدم توقّعه في استمرار هذا النوع من الاستهداف خلال المرحلة المقبلة، وأنّ الأمر سينتهي عند هذا الحد، مؤكدا على أنّ تركيا تنتهج مع كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا سياسة تخدم مصالحها.

وقال في السياق نفسه: “أظن أنّ مباحثات تركيا مع أمريكا تتمحور في الوقت الراهن حول المنطقة الآمنة فقط، ولن تتجاوز إلى ما هو أبعد من ذلك، ولكن في الجانب الآخر بين تركيا وروسيا اتفاقيات متنوعة، ولا يمكننا أن نتجاهل أنّ الدول الثلاث تراعي في علاقاتها مع بعضها البعض مصالحها الخاصة”.

مرحلة دبلوماسية حساسة

من جانبه، أشار الكاتب والإعلامي التركي “سيدات أرغين” في مقال نشرته صحيفة “حرييت” إلى أنّ استهداف الرتل العسكري التركي ينذر بمرحلة دبلوماسية حساسة بين كلّ من روسيا وتركيا، موضحا أنّ الأمر ستتمّ متابعته عن كثب خلال الأيام المقبلة بين كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان.

وأشار إلى أنّ احتواء الأزمة الحاصلة في سوريا، وخصوصا بعد الاستهداف المتكرر للقوات التركية، ستحمل أهمية كبيرة ومؤثرة بنتائج القمة المرتقبة بين كل من تركيا وروسيا وإيران المزمع عقدها في الـ 11 من أيلول في العاصمة أنقرة.

سقوط خان شيخون ليس أمراً غريباً

المحلل السياسي والعسكري”العقيد أحمد حمّادة” اعتبر في تصريح لـ “تلفزيون سوريا”، أن دخول قوات النظام إلى خان شيخون ليس أمراً غريباً ولا مستبعداً، لأن القوة العسكرية التي يملكها “نظام الأسد” وميليشياته، إضافةً للقوة الجوية الروسية والدعم اللامتناهي مِن روسيا، لا بّد أن يفرض أمراً واقعاً على الأرض رغم صمود الفصائل أكثر مِن 115 يوماً، أمام محاولات “النظام” الوصول إلى الخان.

اتفاقات مسبقة

محلّلون آخرون، اعتبروا أن الدخول المفاجئ لـ قوات النظام إلى خان شيخون، رغم محاولة الجيش التركي إنشاء نقاط مراقبة جديدة تمنع تقدّم “النظام” في المنطقة، ليس أكثر مِن اتفاقات مسبقة بين الأطراف الفاعلة بالشأن السوري وبشكل الخاص بين الجانبين التركي – الروسي اللذين يملكان نفوذاً عسكرياً في المنطقة، مِن أجل تأمين خطوط التجارة الدولية على الطريق الدولي “M5″.

مع العلم أنه ليس بالضرورة أن تكون الفصائل المقاتلة هناك طرفاً في هذه الاتفاقات، بل إن استشراس روسيا و”نظام الأسد” على التقدّم في المنطقة تحت وابل القصف الشديد، فضلاً عن استهداف الرتل التركي وبشكل مباشر الذي حاول منع “النظام” مِن التقدّم إلى الطريق الدولي، ربما يدل على أن الفصائل تقف “عثرة” أمام تحقيق تلك التفاهمات، التي ستُفرض عليها تحت أي ظرف.

تركيا مستمرة في دعم المعارضة

المحلل السياسي والعسكري “العقيد أحمد حمّادة”، أشار إلى أن ضرب “نظام الأسد” للرتل العسكري التركي هو عبارة عن توجيه روسي، مِن أجل منع وصوله لـ تعزيز نقاط المراقبة في مورك، وأن تركيا بالمقابل عبر إرسال الرتل أوصلت رسالة أنها ما تزال مستمرة في دعم النقاط التركية والمعارضة السورية، حتى يتم اتفاق جديد أو تفعيل “اتفاق سوتشي”، أو ربما تبقى الأمور خارج السيطرة، أو ربما يكون اتفاق “سوتشي” ومحادثات “أستانا” قد أصبحت جزء مِن الماضي.

وحسب ناشطين، ما يزال رتل الجيش التركي متوقّفاً على أطراف الطريق الدولي قرب قرية “مرحطاط” جنوب إدلب، ولم يتحرّك نتيجة القصف الجوي الكثيف لـ طائرات روسيا و”نظام الأسد” على المدن والبلدات الواقعة على أطراف الطريق بالمنطقة.

الروس لن يتوقفوا عند خان شيخون

وفي سياق مواز حذر مصدر عسكري معارض من أن النظام وحليفه الروسي لن يتوقفوا عند خان شيخون بل ستستمر الحملة العسكرية في محافظة إدلب حتى وصولهم إلى مدينة معرة النعمان، بينما سيكون هناك توسيعاً للعمل العسكري في ريف محافظة اللاذقية على جبهة الكبينة بغية ضمان السيطرة على الطرق الدولية.

وحول هذا الجانب اعتبر الكاتب والمحلل السياسي زياد المنجد خلال حديثه لـ “روزنة” أن مايجري على الأرض هو تطبيق لمخرجات مؤتمرات سوتشي وأستانا لـ “إنهاء الثورة السورية وبدء العملية السياسية واعادة تأهيل النظام”.

وأضاف بأن “أطراف سوتشي و أستانا برضى أميركي وبمباركة صهيونية سائرون ضمن هذا الطريق، ولولا صمود المقاتلين على الأرض لكانت إدلب التحقت بمثيلاتها من مناطق خفض التصعيد الثلاث التي تم القضاء عليها بصمت ورضى الضامنين والأطراف الفاعلة في المشهد السوري”.

ورجّح المنجد بأن الروس والنظام سيستمرون بعملياتهم العسكرية لفرض السيطرة على منطقة خفض التصعيد الرابعة (إدلب)، لافتاً بأن تحقيق هدفهم النهائي مرتبط “بصمود بعض الفصائل التي لم يشارك مندوب عنها في مؤتمرات أستانا، و كذلك مرتبط بصدق نوايا الجانب الأميركي بتحقيق المطلب التركي بإنشاء المنطقة الآمنة، ففي حال مماطلة الأميركان بتحقيق المطلب التركي؛ فإن ذلك سيدفع الأتراك إلى دعم بعض الفصائل المسلحة لتصمد أمام الروس والنظام”.

إقرأ أيضاً: كاتب تركي يتوقع “أزمة دبلوماسية” في العلاقات التركية الروسية بعد التطورات الأخيرة في إدلب

يشار إلى أن مدينة خان شيخون التي يدخلها “النظام” لأول مرّة منذ سيطرة الجيش الحر عليها، أواخر أيار عام 2014. تعرّضت – طوال سنوات الثورة السورية المستمرة – لـ قصفٍ بمختلف أنواع الأسلحة حتى “المحرّمة دولياً”، وارتكبت قوات النظام فيها مجازر عدّة أبرزها “مجزرة الكيماوي”، يوم الرابع مِن شهر نيسان عام 2017، التي راح ضحيتها عشرات المدنيين وأصيب المئات بحالات اختناق (جلّهم أطفال ونساء).

ويمر مِن وسط مدينة (خان شيخون) كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي وخط الدفاع الأول عنه، جزء من الطريق الدولي “M5″، الذي تسعى روسيا وقوات النظام للسيطرة عليه بشكل كامل، على اعتبار أنّه يشكّل شرياناً حيوياً يربط بين أبرز المدن الخاضعة لـ سيطرة “النظام” مِن حلب شمالاً مروراً بـ كبرى مدن ريفي حماة وحمص – في الوسط – إلى العاصمة دمشق، وصولاً إلى “معبر نصيب” الحدودي مع الأردن.

تأتي هذه التطورات، في ظل حملة عسكرية شرسة تشنّها قوات النظام – بدعم روسي – منذ أواخر شهر نيسان الفائت، على محافظة إدلب وريفي حماة الشمالي والغربي وريف اللاذقية الشمالي، أدّت إلى وقوع مئات الضحايا مِن المدنيين، ونزوح عشرات الآلاف، فضلاً عن دمارٍ واسع طال الأحياء السكنيّة والبنى التحتية والمنشآت الخدمية.

زر الذهاب إلى الأعلى