رسالة إلى تركيا.. إيران ونظام الأسد يسعيان لهدم معلم عثماني أثري بيد أسماء الأسد
تداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي أنباءً حول نية حكومة الأسد لطمس هوية “التكية السليمانية” التي بُنيت في العهد العثماني وتحويلها من معلم أثري إلى مشروع استثماري.
وأطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم “التكية السليمانية في خطر، دمشق لن تغفر لكم”، معربين عن رفضهم في تحويل المعلم الأثري الهام إلى مطاعم وصلات ومحلات تجارية.
وقال عرفات سلمان رئيس شعبة المهن التراثية في اتحاد غرف السياحة السورية في منشور على فيسبوك رصده موقع الوسيلة: “أرجو من كلِّ الشرفاء في وطننا الغالي سوريا الوقوف جميعاً صفّاً واحداً لحماية تراثنا العريق وآثارنا وتحفتنا الفنيّة التكية السليمانية بدمشق ونمنعُ تحويلها لمطاعم شاورما ومحلات بوظة وما شابه ذلك من محلات رخيصة القدر الثقافي والتاريخي”.
من جهتها، أوضحت مجموعة “معاً لحماية التكية السليمانية بدمشق من التخريب” إن: “التكية السليمانية هي معلم أثري إسلامي وهو الثاني بعد الجامع الأموي… والوحيد في العالم بهذا الوصف والبقاء صامدة.. لانريد اي تخريب يطال بنيانها تحت أي مسمى، التكية تحتاج ترميماً والآثار مسؤولة عن ذلك منذ سنوات طويلة “.
وأضافت المجموعة: “لا ندري كيف يوافق مدير الآثار على عمران سيحدث تحت مسمى خدمات داخل أرض التكية ولا ندري كيف يصدر وزير الأوقاف كتاباً تم إيقافه لعدم أحقيته ولا دوره يطالب بقطع أشجار التكية تمهيداً لتنفيذ مشروع سيقام عليها والأشجار من ضمن التسجيل ومذكورة بقرار التسجيل تريدون تغيير بنية وظيفة التكية تحت شعارات مختلفة ترميم واستثمار وغيره”.
وقالت المجموعة التي أنشئت الأسبوع الماضي أنه: “لا يحق لكم ذلك لا نريد حداثة متخلفة بصورتها ترسو بدل أبنيتنا الأثرية.. وأستغرب ضعف إدارة الآثار الحالية بمديرها العام الصامت وغير المعترض”.
وأردفت المجموعة: “تشوه من دمشق الكثير من الأبنية وتهدمت آثار بمعاول التجار وفساد التنظيم بالمحافظة سابقاً وصمته حاليا لا نريد أن يدخل معلمنا الأثرية أي تفصيل حديث ولنراجع خطة المشروع القائم ومن وضعها لمعلم أنَ مجرد طرح هكذا مشاريع هو خلل بنيوي واستبداد يتم حين يتعاملون مع الآثار كبيادق شطرنج”.
وفي ذات السياق، أصدت وزارة الأوقاف في حكومة الأسد تنويهاً، قالت فيه: “إشارة إلى ما تم تداوله على بعض مواقع التواصل الاجتماعي حول موضوع التكية السليمانية، نوضح الآتي: إن ما يتم في التكية السليمانية هي دراسات لأعمال ترميم وتأهيل الموقع، بهدف الحفاظ على التراث المادي واللامادي في التكية”.
وتابعت الوزارة: “تتم هذه الدراسات لدى أشهر بيوتات الهندسة الأثرية والمعمارية العالمية، ولا صحة لما يشاع حول استثمار الموقع في نشاطات استثمارية رخيصة، وإن وزارة الأوقاف حريصة على التراث الإسلامي ومؤتمنة عليه”، على حد زعمها.
إقرأ أيضاً: بثينة شعبان تجول في شوارع خان شيخون (فيديو)
وأوضح الخبير والمستشار الاقتصادي “يونس الكريم” في حديث ل SY24 رصده وقع الوسيلة إن: “إعلان نظام الأسد نيته طرح التكية السليمانية للاستثمار له عدة أهداف، أولها اقتصادي إذ إن النظام يحاول إرسال رسالة لكل المستثمرين في العالم بأنه لا يوجد شيء في دمشق لا يمكن استثماره بما فيها الأماكن الأثرية التابعة لوزارة الأوقاف، والتي تعد من أكبر وأغنى وزارة بالمواقع الأثرية التابعة لها، لذلك فهو الآن يرسل رسالة لكل المستثمرين أنه لا يوجد هناك أشياء غير قابلة للاستثمار وأي شيء هو قابل للاستثمار مقابل خصصتها، وهذا الأمر بالغ الأهمية”.
واعتبر الكريم أنها: “رسالة لتركيا بأن عليها أن تضبط أفعالها خاصة أننا نعلم أن التكية فيها قبر السلطان العثماني محمد السادس وهذه التكية إحدى إنشاءات محمد القانوني مؤسس الدولة العثمانية”.
واستدرك الخبير الاقتصادي: “واليوم هي رسالة لتركيا التي تفتخر بالتاريخ العثماني بأنهم سيحولونها إلى مرتع للأراكيل والسهرات والمطاعم، وبالتالي هذا ضغط داخلي وشعبي وإهانة بحق أردوغان على عدم قدرته على حماية الإرث التركي”.
دور أسماء الأسد وإيران في تنفيذ المشروع
عقدت “الأمانة السورية للتنمية” بإدارة أسماء الأسد زوجة رأس النظام مع وزارة السياحة والأوقاف في آب 2016 م، وتضمن العقد بحسب ما ذكرت قناة أورينت عن موقع مراسل سوريإ ورصدت الوسيلة: “إقامة مشروع استثماري لمدة 99 سنة من قبل الأمانة السورية في منطقة التكية السليمانية الأثرية، ويشمل الاتفاق إعادة تأهيل المباني بما يتناسب مع المشروع الاستثماري الذي بدوره يعود بالفائدة على الجهة المستثمرة”.
وأضاف الموقع بأن: “تفاصيل هذا المشروع سربت إلى بعض أصحاب الصناعات اليدوية القديمة في منطقة التكية، ما أثار اعتراضهم وغضبهم، معتبرين أن هذا المشروع سوف يطمس الهوية التاريخية والطابع الأثري للمنطقة التي تحوي على سوق للصناعات اليدوية القديمة، وزواله سيعني نهاية أبدية للعديد من المهن والصناعات النادرة داخله”.
وفيما يتعلق بالدور الإيراني في موضوع “التكية السليمانية” أوضح الخبير والمستشار الاقتصادي، يونس الكريم، إن: “إيران لها مصلحة بالسيطرة على أي وقف سّني، ومحاولة مسح الصبغة السنية من دمشق، وإبقاء الصبغة الشيعية بهدف تكوين حاضنة شعبية تلعب دور الضاغط على أي حكومة قادمة بدمشق لتنفيذ سياستها ومآربها”.
وقال الدكتور “سمير العبد الله” خبير الدراسات السورية في مركز دراسات الشرق الأوسط “أورسام” في أنقرة إنه: “لابد هنا من البحث عن الدور الإيراني حيث تنفق إيران أموال هائلة في مجال وضع يدها على المباني الأثرية السورية والحصول على اتفاقيات طويلة الأمد لإدارتها، وما حصل سابقاً بحلب وحمص أكبر دليل على ذلك”.
وأكمل الدكتور سمير: “تسعى إيران منذ فترة ليست بالقصيرة إلى مد نفوذها الثقافي إلى سوريا، وذلك بأوجه شتى منها الثقافي من خلال تعليم اللغة الفارسية وغيرها، كذلك تعمل في مجال السيطرة على الآثار السورية حيث عرضت على النظام ترميم الكثير من الآثار مقابل الإشراف عليها، هذا وإن حصل ستستخدم ايران كعادتها بعض الشخصيات السورية الموالية وتضعهم في الواجهة وتبعد نفسها عن أي شبهة”.
إقرأ أيضاً: تركيا تعتزم اتخاذ خطوة جديدة في إدلب
وتقع التكية السليمانية في منطقة سياحية وسط دمشق، بالقرب من متحف دمشق الوطني وجسر فكتوريا، وجامعة دمشق وفندقي “الفورسيزونز” و”سميراميس”.
ويعود بناء “التكية السليمانية”، إلى عهد السلطان سليمان القانوني عام 1554، في مكان كان فيه قصر للسلطان الظاهر بيبرس، وتضم التكية الكبرى وفيها مسجد ومدرسة، والصغرى تضم مصلى وأروقة، وكانت منذ تأسيسها حتى نهاية العصر العثماني تقريباً مأوى للمسافرين والغرباء، والتكية السليمانية تماثل جامع العادلية بحلب بأنهما من تصميم المعماري الشهير “سنان باشا”.