اجتماع أردوغان وبوتين.. هل ينهي العمليات العسكرية في إدلب؟
تباينت ردود الفعل إزاء الاجتماع الذي عقد أمس الثلاثاء في العاصمة الروسية موسكو بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية في شمال سوريا، التي كانت على رأس المشاورات بين الطرفين.
وأكد الرئيسان خلال لقائهما على الالتزام باتفاق “أستانا” وضرورة التوصل إلى تهدئة في إدلب. وتحدثا خلال المؤتمر الصحفي الذي عقداه، عن ضرورة التوصل إلى اتفاق بخصوص منطقة إدلب.
وتعليقا على الاجتماع، قال الخبير العسكري العقيد أحمد الحمادة إن الزيارة جاءت بعد فشل الاتصال الهاتفي بين الطرفين عقب سيطرة قوات النظام على مناطق ريف حماة الشمالي وبعض بلدات ريف إدلب.
وأضاف المتحدث “لا نعلم إلى أي مدى تستطيع هذه الزيارة أن تعيد الأمور إلى ما كانت عليه، وإعادة الروح إلى اتفاق سوتشي، أو خلق الأجواء المناسبة لاتفاق جديد حول سوريا بين الطرفين”.
واعتبر أنه لا يوجد حتى الآن أي مؤشر على انفراج في الملف السوري بين الطرفين، خاصة مع إصرار الروس على الطرق الدولية، ومحاربة التنظيمات التي يسمونها إرهابية، إضافة إلى إقامة منطقة عازلة بحدود العشرين كيلومترا، وهي الأراضي الواقعة حول الطريقين”.
وبحسب الحمادة، فإن النقطة التركية في مورك داخلة ضمن اتفاق بين روسيا وتركيا، متوقعا أن لا تسمح موسكو لنظام الأسد بتهديد تلك النقطة أو الاقتراب منها، خاصة مع المساعي الحثيثة من قبلها للتقارب مع أنقرة خلال الفترة الأخيرة.
ووفق الأنباء الواردة، فإن الشرطة العسكرية الروسية وضعت نقطة لها قرب النقطة التركية في مورك، وربما سيكون الطريق مفتوحا إلى هذه النقطة، ولكن الأمور تحتاج إلى مزيد من الوقت لترتيب الأوراق، ويُحتمل تفعيل دوريات مشتركة بين الطرفين، حسب الحمادة.
تجاوز التباين
من جهته، يرى الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي أنّ الاجتماع “لا يبدو أنه حقق توافقا بين تركيا وروسيا إزاء مستقبل منطقة خفض التصعيد، وربّما يعوّل الضامنان في مسار أستانا على تجاوز التباين في المواقف عبر عقد اجتماع محتمل لمجلس التعاون رفيع المستوى ومن ثم القمة الثلاثية المقبلة بين ضامني أستانا”.
ويقول عاصي في حديثه للجزيرة نت إن أنقرة تسعى لتحويل المنطقة إلى نموذج استقرار، وهذا ما أعاد أردوغان التأكيد عليه، في حين تصر موسكو على تطبيق نموذج “الخطوة خطوة” الذي يقضي باستعادة السيطرة الكاملة للنظام السوري على المحافظة ومحيطها.
إقرأ أيضاً: وفد عسكري تركي يستطلع طريق حلب اللاذقية الدولي تمهيداً لإتخاذ هذه الإجراءات! (فيديو)
واعتبر أن قمة موسكو قد تساهم في تخفيض محدود لمستوى التدخل العسكري على صعيد تقليل الطلعات الجوية، مع استمرار محاولات التقدم في المحاور الإستراتيجية بريف اللاذقية، لكون روسيا لا ترغب في وضع تركيا أمام المزيد من الضغوطات العسكرية، وهو ما يفسر اتباعها نموذج “الخطوة خطوة” الذي تحدث عنه وزير خارجيتها سيرغي لافروف قبل أشهر.
وأضاف عاصي أن هناك رغبة لدى الدول الضامنة في الحفاظ على مسار أستانا وتجاوز كل التحديات التي تواجهه، لا سيما تلك الناجمة عن تباين المواقف، لذلك فإن التوصل إلى صيغة جديدة لاتفاق سوتشي أمر وارد بشكل كبير انطلاقا من التغيرات الميدانية المفروضة.
وفي حال استمرار التفاوت في المصالح حسب عاصي، ستعود روسيا إلى فرض رؤيتها عبر خيار الحسم العسكري، لكن تركيا ربما ترفع مستوى تدخلها للدفاع عن مصالحها الأمنية والسياسية، وهو ما أشار إليه أردوغان.
تطويق “مورك”
وكانت قوات النظام السوري قد تمكنت من تطويق موقع عسكري تركي شمال غربي سوريا، وهو نقطة “مورك” التي تعتبر أكبر النقاط التركية المنتشرة في ريف إدلب وحماة، حيث تنتشر 12 نقطة تركية، تطبيقا لاتفاقي خفض التصعيد حول إدلب.
وتعرض رتل تعزيزات عسكرية أرسلته أنقرة مطلع الأسبوع الماضي إلى جنوب إدلب، لقصف جوي سوري طال سيارة كانت ترافقه تابعة للمعارضة السورية. ولم يتمكن الرتل من إكمال طريقه إلى نقطة المراقبة في مورك، حيث لا يزال متوقفا منذ أكثر من أسبوع شمال مدينة خان شيخون.
وتستضيف أنقرة يوم 16 سبتمبر/أيلول المقبل قمة تضم أردوغان وبوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني لبحث الوضع في سوريا، في قمة هي الخامسة من نوعها بين الرؤساء الثلاثة.
فرض خارطة جديدة
في هذه الأثناء، تحدث الإعلامي الموالي لنظام الأسد أن التطورات الميدانية مكنت قوات النظام من فرض ورسم خريطة جديدة لها في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، أملا في إيجاد نسخة معدلة من اتفاق سوتشي.
وزار ضباط أتراك الاثنين الماضي نقاط المراقبة التركية المنتشرة في الشمال السوري لتفقدها والاطلاع على سير عمليات المراقبة والدوريات المسيرة بين النقاط في المنطقة، تزامنا مع حديث عن استقالة الضباط المسؤولين عن نقاط المراقبة التركية.
في سياق متصل، قالت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إن الوزير مارك إسبر أجرى مباحثات هاتفية مع نظيره التركي خلوصي آكار، رحبا خلالها بتطبيق آلية أمنية في شمال شرقي سوريا.
وأوضح المتحدث باسم البنتاغون في بيان أن الوزيرين أكدا نيتهما اتخاذ خطوات فورية ومنسقة لتطبيق الإطار المتفق عليه.