تنتظر مناطق شرق الفرات على الحدود السورية – التركية عملية عسكرية وشيكة تقودها أنقرة وسط انسحاب القوات الأميركية من ثلاث نقاط مراقبة في رأس العين وتل أبيض وبئر العاشق، فيما تُحذر قسد من إنعدام الاستقرار في شمال سوريا.
وقالت الأمم المتحدة الاثنين إنها “تستعد للأسوأ” غداة الإعلان عن عملية تركية وشيكة في سوريا، في حين أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن العملية ستبدأ من دون إعلان مسبق.
وقال منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة السورية التابع للأمم المتحدة بانوس مومسيس في جنيف: “لا نعرف ماذا سيحصل نستعد للأسوأ”، مشيرا إلى وجود “الكثير من التساؤلات التي لم تتم الإجابة عنها” في ما يتعلق بتداعيات العملية.
والمنطقة التي يستعد الجيش التركي لمهاجمتها تسمى “المنطقة العازلة الآمنة” والتي أقيمت بموجب اتفاقية توصلت إليها الولايات المتحدة وتركيا في أغسطس الماضي، والتي تفصل بين مناطق سيطرة الوحدات الكردية، العمود الفقري لقوات قسد.
ويبلغ عمق المنطقة بأكملها خمسة كيلومترات، ولكن سيتراوح عمقها في بعض المناطق الواقعة بين رأس العين وتل أبيض بين تسعة و14 كيلومترا.
إقرأ أيضاً: أمريكا تسهل عملية تركيا المرتقبة شرق الفرات
وسحبت القوات الأميركية عناصرها من المناطق الحدودية مع تركيا وفق ما أعلنت قسد الاثنين.
وترغب أنقرة بإقامة هذه المنطقة في شكل عاجل لإعادة ما يصل إلى مليوني لاجئ سوري وإبعاد المقاتلين الأكراد عن حدودها.
وتعبر أنقرة الوحدات الكردية “إرهابيين” وامتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضدها على أراضيها منذ عقود.
أردوغان: اجتماع مرتقب مع الرئيس ترامب
وأكد أردوغان أن عملية شرق الفرات ستبدأ “من دون إعلان مسبق”، مشيرا إلى أن أميركا تواصل انسحابها من شمال سوريا، وعملية الانسحاب هذه ليست جديدة بل هي متواصلة منذ فترة.
ورجح أردوغان أنه سيجتمع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في النصف الأول من الشهر المقبل، مشددا أن تركيا تدرس ماهية الخطوات اللازمة لضمان عدم فرار عناصر داعش من السجون في منطقة شرق الفرات.
وكان أردوغان قد قال في خطاب متلفز السبت “قمنا باستعداداتنا وأكملنا خطط العملية وأعطينا التعليمات الضرورية”، مضيفا أن الهجوم قد يبدأ “في أقرب وقت اليوم أو غدا”.
وتابع “سنقوم بهذه العملية على الأرض ومن الجو”.
الجيش الحر يشارك في العملية
واستكملت فصائل من الجيش السوري الحر، استعداداتها للمشاركة في العملية التركية شرق نهر الفرات.
وقال مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي للواء المعتصم، لقناة “الحرة” إن الجيش الوطني أنهى تدريباته واستعداداته، وبانتظار إعلان الرئاسة التركية لحظة الهجوم.
وأضاف أن الجيش الوطني لا يزال متمركزا في الجانب السوري من الحدود بانتظار لحظة الصفر التي ستحددها الرئاسة التركية، وأضاف إن الجيش التركي استكمل استعداداته على الطرف التركي من الحدود مع سوريا.
واندمجت فصائل معارضة “الجيش الوطني والجبهة الوطنية للتحرير” تحت جسم عسكري موحد، الأسبوع الماضي استعدادا للمشاركة فيما سمي بـ”درع الفرات”.
قسد: الجيش الأمريكي “خذلنا”
قالت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أن القوات الأمريكية، لم تف بالتزاماتها، وسحبت عناصرها من مناطق شمال سورية المتاخمة لتركيا.
وأعلنت قسد في بيان لها، اليوم الاثنين، 7 أكتوبر/تشرين الأول، رصدته الوسيلة أن “القوات الأميركية انسحبت من المناطق الحدودية مع تركيا”.
وقالت قسد “رغم الجهود المبذولة من قبلنا لتجنب أي تصعيد عسكري مع تركيا، والمرونة التي أبديناها (…)، إلا أن القوات الأمريكية لم تف بالتزاماتها وسحبت وحداتها من المناطق الحدودية مع تركيا”.
وأشارت قسد في بيانها إلى أن “تركيا تقوم الآن بالتحضير لعملية غزو لشمال وشرق سوريا”، وفق تعبيرها.
وأضاف البيان أن “هذه العملية العسكرية التركية في شمال وشرق سوريا سيكون لها الأثر السلبي الكبير على حربنا ضد تنظيم داعش، وستدمر كل ما تم تحقيقه من حالة الاستقرار خلال السنوات الماضية”.
وأردف البيان “لن نتردد لحظة واحدة في الدفاع عن أنفسنا وندعوا شعبنا بجميع أطيافه من عرب وكرد وسريان آشوريين لرص صفوفه والوقوف مع قواته المشروعة للدفاع عن وطننا تجاه هذا العدوان التركي”.
لماذا تتخوف تركيا من هذه المنطقة؟
مع توسع دور الأكراد في سوريا وإنشائهم إدارة ذاتية في شمال وشمال شرق البلاد، زادت خشية تركيا من أن يقيموا حكما ذاتياً قرب حدودها.
ولمواجهة توسع الأكراد، شنت أنقرة منذ 2016 عمليتين عسكريتين في سوريا، سيطرت خلالها على مناطق حدودية.
وتمكنت في العام 2018، من السيطرة مع فصائل سورية على منطقة عفرين.
ومذاك، لم تهدأ تهديدات أنقرة بشن هجوم جديد على مناطق الأكراد في شمال وشمال شرق سوريا، والتي يطلق عليها تسمية “شرق الفرات”، وينتشر فيها مئات من عناصر القوات الأميركية.
إقرأ أيضاً: ترامب يحسم الجدل حول انسحاب القوات الأميركية من سوريا
وصعدت أنقرة تهديداتها أكثر خلال الصيف، وللحؤول دون تنفيذها، خاضت واشنطن محادثات مكثفة معها إلى أن تم التوصل إلى اتفاق “المنطقة الأمنة”.
وتنفيذا لبنود الاتفاق، تأسس “مركز العمليات المشترك” التركي الأميركي لتنسيق كيفية إقامة “المنطقة الأمنة”، إلا أنه لم يتم كشف تفاصيل حول الإطار الزمني للاتفاق وحجم المنطقة رغم إشارة الرئيس التركي إلى أن نظيره الأميركي وعده بأنها ستكون بعرض 32 كيلومترا.
وأفادت قوات سوريا الديموقراطية بأن عمق المنطقة التي وافقت عليها يصل إلى “خمسة كيلومترات”، ولكن سيراوح في بعض المناطق الواقعة بين رأس العين وتل أبيض “بين 9 إلى 14 كيلومترا”.
والمنطقة الممتدة من تل أبيض حتى رأس العين هي ذات غالبية عربية، على عكس الجزء الأكبر من المناطق السورية الحدودية مع تركيا التي هي ذات غالبية كردية.