وسائل إعلام روسية رسمية تنقلب على بشار الأسد
متابعة الوسيلة:
أبدت صحف ومجلات روسية رسمية استيائها من التصريحات الأخيرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية، بعد اتفاق سوتشي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، بشأن مناطق شمال شرق سوريا.
وكان الأسد في لقاء تلفزيوني لقناة “الإخبارية السورية” التابعة له، الخميس 31 من تشرين الأول، هاجـ.م فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وشكك من خلالها في عمل اللجنة الدستورية في جنيف.
وكتبت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الواسعة الانتشار قبل أيام، بحسب ما تداولت وسائل إعلام عربية ورصدت الوسيلة، أن “الحكومة السورية مارست نهجاً قمعياً لمشاكل الهياكل القبلية المحلية”.
وقالت أنه: “تم إهمال سلطة شيوخ القبائل، كما تم تجاهل الحملات المدعومة بقوة من جانب إيران لإجراء تغييرات ديموغرافية في مناطق يقطنها السنة؛ ما أضاف وقوداً إلى نيران الحرب الأهلية في سوريا”.
وتساءلت صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا في تقريرها، عما إذا كانت حكومة النظام السوري ستعي “أهمية تغيير استراتيجيتها في التعامل مع العشائر السنية”.
وحذرت من أن تجاهل مصالحها (العشائر السنية) قد يفتح صفحة أخرى في الصراع السوري، لأن “روسيا ضامناً للاستقرار في سوريا، ولا يمكن إلا أن تأخذ هذا في الحسبان”.
في المقابل، نشرت وكالة أنباء «تاس» الحكومية، إشارات إلى أن النظام سعى إلى إبطاء عمل اللجنة الدستورية لأنه لا يرغب في أن يقف أمام استحقاق إجراء انتخابات رئاسية.
ورأت الوكالة أن “تصريحات الأسد حول عمل اللجنة في جنيف، مرتبطة بهذا الأمر بالدرجة الأولى”، محذرة من أنه “كلما اقترب أجل إنجاز شيء ما في اللجنة سوف تغدو ردود الأفعال أكثر حدة”.
إلى ذلك، نشر قناة «آر تي» الحكومية مقالة كاملة تمت ترجمتها بعد أن نشرت في صحيفة «زافترا» ذات التوجه القومي الروسي، حملت عنواناً لافتاً ينتقد «التصريحات الصاخبة للأسد».
وكتب المقالة السفير السابق رامي الشاعر، أحد أبرز مستشاري دائرة الشرق الأوسط في الخارجية، وخصوصاً في ملفي سوريا وفلسطين ولعب أدواراً مهمة خلال السنوات الماضية لدعم السياسة الروسية في سوريا.
وقال الكاتب أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال تقبل مثل هذا التصريحات، ذلك أنه من الصعب فهم أن يشن الأسد هذا الهجوم على رئيس دولة (أردوغان)، يعتبر عضواً مشاركاً في عملية آستانة، وشريكاً لروسيا وإيران في حل المشاكل الجذرية التي تواجهها سوريا اليوم”.
ورأى الكاتب، أنه لا يمكن القبول بتصريحات الأسد التي “أثارت رد فعل عاصفاً ليس في بلدان الشرق الأوسط فحسب، بل وفي العالم كله”، معبتراً أن “التصريح حول إردوغان شاذ، ولا سابقة له في العرف الدبلوماسي”.
واعتبر الشاعر أن تصريحات الأسد ضد أردوغان تشكل “خطأ جسيماً من وجهة نظر العلاقات السياسية بين الدول، وتعد إساءة إلى روسيا التي تعمل بشكل وثيق مع إردوغان لتوسيع مجالات التسوية في سوريا”.
ورأت المقالة أن “مثل هذه التصريحات تساعد الأطراف الساعية لتقويض المسار السياسي الذي تسعى موسكو مع شريكيها التركي والإيراني لدفعه في سوريا”.
كما واستعرض الشاعر في مقالته تاريخاً طويلاً لوصول الأسد إلى السلطة عن طريق المصادفة، بعد مصرع شقيقه باسل في حادث سير في عام 1995.
إقرأ أيضاً: بشار الأسد ينتقد أردوغان ويصفه بهذه الكلمات.. هذا ما قاله عن اللاجئين السوريين!
وأشارت إلى أن بشار انتقل إلى عالم السياسة وتمت ترقيته عسكرياً إلى رتبة فريق في غضون سنوات قليلة؛ ليتم لاحقاً تعديل الدستور السوري وتعيينه رئيساً بعد وفاة والده حافظ الأسد في عام 2000.
ورأى الكاتب أن “هدف السير في الطرق السليمة التي تؤدي إلى المصالحة الوطنية، لن يتحقق إلا من خلال سياسة معقولة، حكيمة وموزونة من قبل القيادة السورية عن طريق الإصلاحات السياسية والاقتصادية “.
وشدد الكاتب على أن الإصلاحات السياسية والاقتصادية “يجب أن تتم بما ينص عليه الدستور الجديد الذي سيتولى الشعب وضعه وصياغته، بما يستجيب لآمال وأماني غالبية الشعب”.
ومع تذكيره بأن روسيا هي التي لعبت الدور الأساسي في حماية كرسيه وحكمه، لفت الكاتب إلى أن أي انتخابات رئاسية جديدة في المستقبل، “لن تحقق نسب نجاح عالية لأي مرشح بما في ذلك بشار الأسد”.
وقال الكاتب: “يحظى النظام الحالي بتأييد ما يعادل نسبة 20 في المائة من الشعب السوري، أما الغالبية والتي تشكل نسبة 50 في المائة منه، فهي تريد تغييراً جذرياً في المنظومة الحالية”.
وأضاف الكاتب “بالنسبة للبقية التي تشكل 30 في المائة من الشعب، فهي من غير المبالين وغير المعنيين بالأمر نهائياً، ولا تريد سوى لقمة العيش، مع انعدام أي طموح لديها”.
وكان الشاعر نشر سلسلة مقالات في الفترة الأخيرة حملت انتقادات لاذعة لأداء الأسد، وكتب قبل أيام: “ألم يحن الأوان أن تعي القيادة السورية أن عامة الشعب السوري لا يريد استمرار الوضع في هذا الشكل”.
وأكد الشاعر في مقالته: “أن الخطابات والمواقف التقليدية انتهى وقتها ولم تعد فعالة لا للاستهلاك الداخلي أو الخارجي بل يتقبلها الجميع بسخرية”.
وعن حكومة النظام، قال: “كما لو كانت تعيش في عالم آخر وكأن الوضع في سوريا عادي، ولم تكن سيادة سوريا مهددة ولا يوجد دمار ومشاكل داخلية، مع عدم رضا الغالبية العظمى من الشرائح السورية ببقاء النظام كما هو”.
لكن الجديد هو أن المقالة الأخيرة ركزت في جانب منها على البعد الإنساني على خلفية مواصلة انتهاكات حقوق الإنسان.
وأشار فيها إلى “مطلب أساسي من النظام بأن يقوم مع بدء عمل اللجنة المصغرة (الدستورية) باتخاذ خطوات تعبر عن مسؤوليته، وتعكس اهتمامه الكبير بإحلال أجواء المصالحة الوطنية”.
وذلك عن طريق إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والعفو عن المقاتلين الذين سلموا سلاحهم، تلبية لاتفاق المصالحة، ووقف عمليات التصفية التي ما زالت تمارسها بعض الأجهزة الأمنية للمسلحين الذين تجاوبوا لنداء المصالحة”.
وختم بالقول: “لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تتكرر بعد اليوم حالات وفاة الموقوفين في السجون، مثلما حدث للشاب إسماعيل محمد المقبل الذي فقد حياته وهو في ريعان شبابه”.
إقرأ أيضاً: “قلبنا الطاولة على رؤوسهم”.. وزير تركي يتحدث عن انتصار عسكري ودبلوماسي كبير في سوريا
وزعم رأس النظام السوري بشار الأسد أن اتهاماته للرئيس التركي أردوغان بسرقة كل ما يتعلق بسورية ووصفه بـ”اللص”, هي صفة حقيقية.
وقال الأسد في لقائه: “عندما قلت إن أردوغان الذي بدأ منذ الأيام الأولى للحرب بسرقة كل ما يتعلق بسورية لص.. أنا لم أشتمه، أنا أصفه. هي صفة وهذا الوصف حقيقي”.
وعن اللجنة الدستورية السورية، ادعى بشار الأسد، أن مجموعة اللجنة الدستورية عن المعارضة السورية، تضم أسماء مرتبطة بشكل مباشر مع جبهة النصرة.
وقال بشار: “تم طرح أسماء ترتبط مباشرةً بـ «جبهة النصرة» وكنا نرفض، لكن بالمحصلة وافقنا على عدد من هؤلاء، وهذا شكل لهم مفاجأة”.
وأردف: “قلنا النتيجة واحدة، الخلفية واحدة، الانتماء واحد، والسيد واحد، ومصدر القرار سيكون واحدا، والتصويت في المستقبل سيكون واحدا، لأن الإشارة ستأتي من جهة واحدة”، بحسب تعبيره.
واعتبر رأس النظام أن: “اللجنة الدستورية لا علاقة لها بموضوع الانتخابات، وإذا كانوا يعتقدون بأنهم سيعودون إلى عصر الانتداب، أقول لهم: هذا لن يكون سوى في أحلامكم”.