مسؤول أمريكي يكشف السبب الحقيقي لسيطرة ترامب على النفط السوري
الوسيلة – متابعات:
كشف السفير الأميركي السابق إلى سوريا روبرت فورد عن السبب الحقيقي لسيطرة الولايات المتحدة على النفط السوري في مناطق شمال شرق سوريا.
وقال فورد في مقال نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” وحمل عنوان “السبب الحقيقي لسيطرة أميركا على النفط السوري” : قضيت خمس سنوات بالعراق أثناءَ الحرب الأميركية هناك. ويعتقدُ كثير من المحللين اليساريين أن الأميركيين دمروا نظام صدام حسين من أجل النفط، إلَّا أنني أعلم من خلال تجربتي المباشرة أن النفط لم يكن السبب.
واعتبر فورد أن القرار الأمريكي باستمرار بقاء الأميركيين داخل سوريا بسبب حقول النفط يبدو غريباً.
وأوضح فورد أن القرار الأميركي غريباً بالنظر إلى أن الحقول النفطية الواقعة شرق سوريا تعتبر صغيرة نسبياً، بجانب أن النفط السوري عالي الكبريت لا يجذب سوى سعر زهيد في السوق العالمية.
كما لفت فورد إلى أن التبرير الأميركي حول فكرة أن واشنطن ترغب في حماية الحقول النفطية من السقوط في يد تنظيم “داعش”.
وتابع فورد: نجد أن هناك وحدات مدرعة داخل القوات الأميركية لم نعاينْها من قبل قط داخل سوريا، وهناك أيضاً وحدات مدفعية. والطبيعي أن الوحدات المدرعة ووحدات المدفعية لا تشكلان الأسلحة المثلى في مواجهة عناصر عصابات مسلحة مثل “داعش”. بدلاً عن ذلك، يجري استخدام الوحدات المدرعة والمدفعية ضد جيش آخر.
وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر صرح في 28 تشرين الأول، بأن المهمة الأميركية لا تسعى لحماية الحقول النفطية من السقوط في أيدي “داعش” فحسب، وإنما كذلك الحيلولة دون وقوعها في أيدي جيش النظام السوري وحلفائه الروس, وفق ما أشار فورد.
واعتبر فورد أن هذا أمراً ليس جديداً تماماً، مبيناً أنه في شباط 2018، دمرت القوات الجوية الأميركية قافلة تابعة لحكومة النظام السوري تضم جنوداً سوريين ومرتزقة روساً حاولوا السيطرة على مصنع “كونوكو” للغاز قرب دير الزور. وجدير بالذكر هنا أن شركة “فاغنر” الروسية التي يعد مالكها من حلفاء الكرملين، لديها تعاقد مع الحكومة السورية لإعادة بناء حقول النفط، ومن المفترض أن تحصل “فاغنر” على حصة بقيمة 25 في المائة من الإنتاج.
ورأى السفير الأمريكي السابق أن الأميركيين عاقدي العزم على الحصول على تنازلات سياسية من حكومة النظام السوري، عبر إعاقة سيطرتها على عائدات النفط.
وستجبر هذه الضغوط بشار الأسد على تقديم تنازلات سياسية كبرى، وفق مسؤولين أمريكيين وخبراء, أكدوا أن هذه الضغوط إما في إطار المفاوضات الدائرة تحت رعاية الأمم المتحدة حول الدستور السوري، وإما في صورة تنازلات للأكراد السوريين حول السماح لهم ببناء منطقة حكم ذاتي.
ووفق فورد, ستوفر السيطرة الأميركية على حقول النفط أموالاً لـ”قوات سوريا الديمقراطية” كي تتمكن من دفع رواتب جنودها، وإعالة مراكز الاحتجاز التي يوجد بها آلاف من سجناء “داعش” وأسرهم.
بينما لا يرغب الرئيس دونالد ترامب في تحمل تكاليف الحرب في شرق سوريا، ولا يرغب العسكريون والدبلوماسيون الأميركيون في الرحيل عن سوريا.
وبحسب ما خلص إليه الأمريكيون في النهاية, ستبقي واشنطن سيطرتها على الحقول النفطية، بحيث لا تضطر إلى تحمل تكاليف “قوات سوريا الديمقراطية” بنفسها.
وبناء على ذلك, بين فورد أن العائدات النفطية لن تذهب إلى خزينة واشنطن، وإنما إلى مظلوم عبدي ومقاتلي “قوات سوريا الديمقراطية” التابعين له، والذين تقودهم “وحدات حماية الشعب” الكردية السورية.
وجواباً على طرحه من أعطى الأميركيين حق اتخاذ هذا القرار بخصوص النفط السوري, أوضح السفير الأمريكي السابق أنه تبعاً لما ينص عليه القانون الدولي، فإن السيادة تمتد إلى الموارد الطبيعية للبلاد. وعليه، فإن دمشق، وليست واشنطن، هي صاحبة القرار القانوني في هذا الشأن.
ولفت السفير الأمريكي السابق إلى سوريا أن إدارة ترامب وفي الوقت ذاته تسوق مبرراً قانونياً في ظل القانون الأميركي قابلاً للمناقشة.
ودخلت القوات الأميركية إلى سوريا في ظل قرار من الكونغرس بعد هجمات 11 أيلول سمح باتخاذ عمل عسكري ضد تنظيم “القاعدة”. وحينها, قال الرئيس السابق باراك أوباما إن “القاعدة” تمخضت عن “داعش”.
وبحسب فورد, سيكون من الصعب على إدارة ترامب استغلال قرار من الكونغرس بخصوص “القاعدة” لتبرير حماية الحقول النفطية من سيطرة قوات النظام السوري وروسيا, وفي حال كان المبرر القانوني قابلاً للنقاش، فإن الجانب السياسي يبدو أكثر وضوحاً.
ويشير فورد إلى أن “قوات سوريا الديمقراطية” والأكراد السوريين يحظون بدعم قوي داخل الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
وقليل من أعضاء الكونغرس قد يشكو من سيطرة إدارة ترامب على الحقول النفطية من أجل صالح الأكراد و”قوات سوريا الديمقراطية”, وفق ما ذكر فورد.
واستبعد فورد احتمال أن يتغير هذا الدعم من جانب الكونغرس للسياسة الأميركية الجديدة في شرق سوريا، إلا إذا سقط عدد لافت من الضحايا الأميركيين في خضم العملية العسكرية الجديدة.
ووفق موقع لبنان 24, سقط ثمانية جنود وموظفين أميركيين فقط قتلى في شرق سوريا، منذ العام 2014 بالتالي فإن الشعب الأميركي لا يعير الحرب اهتماماً، ومن الممكن أن يستمر دور القوات الأميركية فيها.
الخطة الأميركية تعتمد على حكومة النظام السوري، وحلفائه الروس والإيرانيين، وليس على مقتل كثير من الأميركيين, على حد قول فورد.
وأضاف السفير الأمريكي: وبطبيعة الحال، ستحاول هذه الأطراف المعادية لواشنطن تكبيدها خسائر كبيرة، وسيعمدون في خضم ذلك إلى استغلال تكتيكات غير تقليدية مثل هجمات باستخدام “درون”، وسيارات مفخخة، وزرع عبوات ناسفة على جوانب الطرق ضد القوافل الأميركية.
إقرأ أيضاً: قافلة أمريكية تضم عشرات الشاحنات تدخل إلى القامشلي..هذه مهمتها (فيديو)
كما أشار فورد إلى مظاهرات سابقة اندلعت داخل قرى عربية في دير الزور ضد تهريب “قوات سوريا الديمقراطية” النفط, ولم يستبعد السفير الأمريكي أن يسعى “داعش” لاستغلال هذه التوترات وصورة أميركا كطرف مستغل للنفط العربي.
كما توقع فورد أيضاً أن تحاول الاستخبارات السورية خلال الأسابيع والشهور استغلال التوترات بين “قوات سوريا الديمقراطية” وقيادتها الكردية والقرى والمدن العربية.
وكذلك, لفت فورد إلى احتمال أن تشجع الاستخبارات السورية من جديد متطرفين أمثال “داعش” على مهاجمة قوات أميركية، مثلما فعلت مع “القاعدة” في العراق بين عامي 2004 و2010.
وخلص السفير الأمريكي في نهاية مقاله إلى أنه ربما يخدم الاحتلال الأميركي لحقول النفط “داعش”، دون أن يسهم في استخلاص تنازلات سياسية من الأسد، الذي يبدو شخصاً صبوراً، وبمقدوره الانتظار حتى رحيل الأميركيين عن سوريا عاجلاً أم آجلاً.
وختم السفير الأمريكي السابق بالقول: “وعلى ما يبدو، تتحرك واشنطن من سياسة فاشلة إلى أخرى داخل سوريا”.