الليرة السورية في نفق مظلم.. واقع العملة السورية وتأثير قانون قيصر والحلول لتدارك تدهورها
أكد الباحث والخبير الاقتصادي، د. فراس شعبو، أن سعر صرف الليرة السورية يعاني من مشكلة هيكلية، لافتاً إلى وجود خلل اقتصادي داخل سعر صرف العملة السورية.
وأشار شعبو في حديث لـ “روزنة”, رصدته الوسيلة, إلى وجود عوامل اقتصادية و سياسية وعسكرية واجتماعية، أثرت و تؤثر في العملة السورية.
وقال شعبو: “هذا كله بالمجمل يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد السوري والليرة السورية بشكل أساسي… العوامل السياسية من ضمنها قانون سيزر، ولكن تدهور الليرة السورية سابق لقانون قيصر و ليس لاحق له”.
وأضاف شعبو بأن “الليرة السورية شهدت فترة تدهور كبير جدا، وتعاني من مشاكل كثيرة من خلال انخفاض قيمة الصادرات السورية وانخفاض الناتج المحلي من 66 مليار دولار إلى 12 مليار دولار… لا يوجد تصدير و لا توجد موارد طبيعية، و النفط والموارد الزراعية ليست تحت سيطرة النظام، و هناك موارد أخرى تم تأجيرها أو بيعها للروس و الإيرانيين”.
ونبه شعبو لوجود مؤشرات تدل على أن العملة السورية مستمرة في التدهور و إلى مستويات قياسية.
وتابع شعبو محذراً: “اليوم عندما نتحدث عن أن سعر صرف الليرة يقارب الـ 900 مقابل الدولار الواحد فهو مؤشر طبيعي؛ وذلك لما تعانيه سوريا اليوم، وما هو طبيعي أيضاً أن تكون الليرة متدهورة أكثر من ذلك”، وأوضح شعبو بأنه لولا المنظمات الدولية والمعارضة التي ضخت الدولار في الداخل السوري، و الدعم الإيراني و الروسي للنظام السوري، لكان وصل الدولار إلى أسعار خيالية جداً، وفق تعبيره.
الليرة السورية دخلت في نفق مظلم
ورأى الخبير الاقتصادي أن الليرة السورية دخلت في نفق مظلم، وذلك في ظل انعدام القدرة الشرائية للشعب السوري و انخفاض قيمة الليرة وهذا أيضاً ما أدى إلى انخفاض قيمة المدخول.
وبين شعبو: “اليوم وسطي الأجور لا يتجاوز اليوم 50 أو 60 دولار في أحسن الأحوال، وذلك لا يكفي عائلة مؤلفة من شخصين، ما بالك اليوم متوسط عدد الأشخاص في العائلة السورية 4 أو 5 أشخاص وجميعهم يعيشون في منازل إيجار، وأيضاً في ظل انعدام الماء والكهرباء والغاز وهي وسائل الحياة الأولية”.
تأثير “قانون قيصر” على الليرة السورية
ورأى شعبو أن “قانون قيصر” سيؤثر بشكل أساسي على سعر الصرف، بخاصة وأن بعض عقوباته ستشمل أحد أهم الكيانات الاقتصادية للنظام، وهو المصرف المركزي السوري، كذلك فقد تخضع جميع الشركات السورية الحكومية للعقوبات الأمريكية.
ورجّح الخبير الاقتصادي أن يُلقي القانون بظلاله على الليرة السورية بشكل كبير، بالتزامن مع خوف المستثمرين على أموالهم (سواء كانوا تابعين للنظام أو غير تابعين له).
وأضاف: “سوف يضطروا إلى أن يكونوا حذرين جدا في التعامل مع النظام أو أحد كياناته خلال مرحلة إعادة الإعمار، و التي يسعى النظام للبدء فيها”.
واعتبر شعبو أن عقوبات “قانون قيصر” قد تضيق الخناق على الشعب السوري أكثر من النظام.
كما نوه شعبو إلى أن القانون ولو قد يقلل من موارد النظام تنحسر، لكنه قال أن العقوبات الاقتصادية لم تسقط أي نظام، على اعتبار أن الأنظمة الشمولية لا تسقط بعقوبات اقتصادية.
إقرأ أيضاً: نظام بشار الأسد يتخذ إجراء سيفاقم معاناة السوريين في مناطق سيطرته
وأكد شعبو أن هذا القانون يستطيع الرئيس ترامب أن يوقف فعاليته كما يشاء أو يحدد من هيكلية تنفيذه بشكل معين”.
ووفق شعبو, سيكون القانون أداة لواشنطن من أجل تقاسم “الكعكة السورية” مع الروس والإيرانيين في مرحلة إعادة الإعمار؛ وعدم السماح لهم بالسيطرة المطلقة على جوائز إعادة الإعمار.
وتابع: “كذلك هو وسيلة لفرض عقوبات على بعض الشركات الروسية و الإيرانية و الصينية التي ستشارك في سوريا بدون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية… القانون الغاية منه سياسية أكثر ما يكون له أهداف اقتصادية”.
ما هي الحلول؟
وأكد شعبو أن النظام السوري لا يملك أية حلول اقتصادية وأدوات تساعده على فرض حل ينعش الاقتصاد ويحسن من واقع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار.
وأوضح شعبو أنه وعند الحديث في هذا الوقت عن حل اقتصادي، لا بد أن يسبقه حلاً سياسياً، لافتاً إلى أن الوضع سيكون كارثياً على الشعب السوري بالتحديد، في ظل انعدام أية حلول اقتصادية ممكنة في الوضع الراهن، بالتزامن ازدياد تشديد العقوبات على النظام السوري وداعميه.
وبين شعبو أنه “لا يمكن في ظل وجود عدة دول على أرض دولة معينة وتدهور اقتصاد هذه الدولة و انعدام مواردها المالية وانحسار سيطرتها على جزء كبير من مناطق الدولة، أن يتيح ذلك تحسين وضع الليرة السورية، إن تحسين سعر الصرف صعب في المدى القصير و لا يوجد لدى النظام أدوات يمكن أن تساهم في تحسين واقع الليرة السورية… الوضع سيستمر على حاله، وهذا في أحسن الأحوال؛ إلى أن يتم إيجاد حل سياسي”.
وكانت الليرة السورية، قد عادت إلى الانخفاض أمام العملات الرئيسية، خلال الفترة الحالية بعد أيام من استقرارها بحدود 850 ليرة سوريّة لكل دولار واحد.
وسجّل سعر صرف الليرة السورية، بحسب موقع “الليرة اليوم”، في أسواق دمشق، اليوم الجمعة، قياساً بالدولار الأمريكي 890 شراء و900 مبيعا، بينما اليورو 988 شراء، و1001 مبيعا.