حاتم علي.. المخرج الذي أبكانا في “التغريبة الفلسطينية” وفصلته نقابة الفنانين!
عن عمر ناهز 58 عاما، رحل “أمير المخرجين” حاتم علي، بأزمـ.ة قلـ.بية في القاهرة بعيدا عن دمشق الياسمين.
دمشق التي أحبها وأنهكتها الحـ.رب على مدى عشر من السنين، وبعد أن فصل من نقابة الفنانين السوريين لرفضه تأييد النظام.
ورفض ذلك المخرج الترجل عن صهوة الإبداع، إلا بعد أن ترك إرثا كبيرا وغنيا من الأعمال الدرامية التي تركت بصمات كبيرة في عقول ووجدان المشاهد العربي.
ابن منطقة الجولان الذي قضى معظم شبابه في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، أخرج “التغريبة الفلسطينية” التي لاقت نجاحا كبيرا منقطع النظير وقدمت مأسـ.اة الشعب الفلسطيني بعيدا عن القوالب الأيديولوجية والدرامية الجامدة.
وعرف عن حاتم علي، الذي طالما أعلن كرهه لكافة أشكال الرقابة على الفن، حبه لخوضه مغامرات فنية جديدة يكتشف من خلالها آفاقا واسعة ويفتح أمام المشاهد العربي الكثير من نوافذ الجدل والتساؤلات على القضايا الاجتماعية والتاريخية.
فهو قدم للمشاهد المصري والعربي تفاصيل جديدة وبعيدة عن النمطية في شخصية آخر ملوك مصر، “الملك فاروق” عبر مسلسل حمل نفس الاسم.
ومن خلال تعاونه مع الكاتب المبدع وليد سيف سلط المخرج الراحل الضوء على تاريخ الأندلس بطريقة شائقة سلبت الألباب لتضيء نقاطا هاما ومثيرة للجدل في التاريخ العربي والإسلامي.
فكان “صقر قريش” و “ربيع قرطبة” و”ملوك الطوائف”، وقد اعتبر الكثير من النقاد تلك الثلاثية الأضخم فكرياً وتاريخياً وأدبياً في تاريخ الدراما والسينما العربية بالمجمل.
أما مسلسل “الزير سالم”، ورغم ما قيل عن وجود الكثير من الأخطاء التاريخية في مضمونه، فقد أبدع فيه علي بعد أن تعامل مع النص الدرامي بحرفية عالية جعلت نجوم المسلسل يتألقون في أدوراهم ويحظون بإعجاب المشاهد العربي الذي كان قد ابتعد عن متابعة الأعمال التاريخية في وقت عرضه.
من ” أجير الفران”.. إلى نجم في الإخراج
لم يبدأ، حاتم علي، مسيرته الإبداع في الإخراج، فهو ولج عالم الفن من خلال أدائه شخصية “عبدو أجير الفران” (عامل مخبز)، بمسلسل “دائرة النـ.ار”، واستطاع أن يلفت الأنظار إليه منذ ظهوره الأول في العام 1988، ليتوالى بعده ظهوره في العديد من الأعمال الاجتماعية والتاريخية والكوميدية.
وشارك في العديد من الأعمال كممثل مثل “هجرة القلوب إلى القلوب” و”العبابيد”، قبل أن يؤدي دورا مميزا في مسلسل “التغربية الفلسطينية” والذي كان هو مخرجه.
وبعد أبدع في التمثيل، لمع نجمه في العالم الإخراج في في تسعينيات القرن الماضي، لتتوالى أعماله الرائعة مثل “الفصول الأربعة” و”صلاح الدين” و”عمر” و”الزير سالم” و”الملك فاروق” الذي نال عن جائزة أفضل مخرج عربي في مهرجان القاهرة للإعلام العربي.
وكذلك نال جائزة أفضل مخرج عن فيلمه “آخر الليل”في مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون في العام 1996.
ولم يكتف علي بالإخراج والتمثيل، فقد صدر له مجموعتين قصصيتين هما: “ما حدث وما لم يحدث”، و”موت مدرس التاريخ العجوز”، بالإضافة إلى نصوص مسرحية هي “حكاية مسعود” و”مـ.ات 3 مرات” و”البارحة- اليوم وغدًا” و”أهل الهوى” عام 2003.
“على صلة قرابة بكل بيت سوري”
وتعقيبا على غيابه المفاجئ، قال الناقد السوري فارس الذهبي، لموقع الحرة إن رحيل حاتم علي شكل فـ.اجعة لكل سوري، فأعماله الخالدة دخلت قلوب أبناء بلده، مضيفا: “لا أحد يستطيع أن ينسى ما قدمه ذلك المبدع من أعمال رائعة مثل الفصول الأربعة وربيع قرطبة”.
وأضاف الذهبي: “كان حاتم على صلة قربى بكل بيت سوري من خلال شعوره بآلامهم وهمومهم، وكان يسعى دائما إلى تجسيدها من خلال أعماله بكل رقي وإبداع وبعيدا عن الإسفاف”.
وعن موقفه مما حدث في بلاده أكد الذهبي أن المخرج الراحل كان يرفض الحل الأمني والعسكري الذي انتهجه النظام السوري ضد شعبه، ولذلك قرر مغادرة سوريا وعدم العودة إليها رغم كل المغريات والعروض والتي تلقاها.
ونوه إلى أن فصل حاتم علي من نقابة الفنانين السوريين هو “وصمة عـ.ار” في جبين تلك النقابة، قائلا: “كان تبريرهم سخيفا حيث تم فصله بحجة أنه لم يوف التزاماته المادية للنقابة، والحقيقة أنه جرى فصله بعد أن رفض دعوات النظام للعودة إلى البلاد”.
وتابع: “علي رفض الدخول في التجاذبات والمهاترات السياسية سواء من المعارضة أو النظام لأنه كان يعتبر ذلك إساءة لقضية السوريين، و هو كان مخلصا لمبادئه في الدفاع المثل العليا كالحرية والعدالة والديمقراطية”.
اقرأ أيضاً: مصطفى العقاد الذي أظهر عظمة الرسالة المحمدية وصلابة أسد الصحراء عمر المختار