لاجئان سوريان يحـ.ـاكمان لمساعدتهما بإحضار والديهما إلى هولندا
إذا أحضرت والديك المحتاجين إلى هولندا، فهل أنت مهرب للبشر؟
سؤال استهلت به صحيفة (NRC) الهولندية تقريرها لجلسة المحكمة للاجئين فلسطينين سورييين حصلا على جواز السفر الهولندي، واستطاعا جلب والديهما وأختهما إلى هولندا، ويحاكمان الآن بتهمة المساعدة في تهريب البشر.
التقرير الذي ترجمته “زمان الوصل” يرصد حركة الشقيقين اللذين “يتمشيان بتوتر واضح في بلاط محكمة جرونينجن” المنعقدة بتاريخ 17/82021.
إنهما لاجئان فلسطينيان من سوريا، وكلاهما يحمل جواز سفر هولنديًا، الأكبر يدعى “طارق”، هو “مطور برمجيات”، ويبدو بوجه نقي وقميص أبيض، والثاني “محمد”، وهو في السنة الأخيرة من درجة “الماجستير” في “الهندسة الكهربائية”، وهما يخضعان للمحاكمة بتهمة “المساعدة في تهريب البشر من أجل الربح”.
واجه الأخوان معضلة هذه الكلمة “المهربين” المفردة التي تختارها النيابة العامة على الدوام، بينما هما قاما بمساعدة عائلتهما، تقول الصحيفة.
وتتابع “ساعد (طارق) و(محمد) والدهما المسن وأمهما وأختهما الحامل على القدوم إلى هولندا، وقد فعلوا ذلك خلافًا للقواعد، كما اعترفوا، بعد أن رفضت الـ(IND – إدارة الهجرة والتجنيس) عدة طلبات لجمع شمل الأسرة”.
“لم يكن للأقارب بديل آخر”، كما يشرح الأكبر كانت “هولندا هي الدولة الآمنة الوحيدة التي يمكنهم الذهاب إليها “. كانوا في “مصر” بشكل غير قانوني بتأشيرة طالب منتهية الصلاحية تملكها “أختهم” كلاجئة فلسطينية، وكانت العائلة في خطر الترحيل إلى سوريا حيث “الدكتاتور الأسد”.
بتأشيرة مؤقتة، سافرت العائلة إلى تركيا، حيث استأجر (طارق) و(محمد) لها منزلاً هناك.
لم يكن الحصول على تصريح الإقامة أمرا سهلا في تركيا. ومن خلال أحد معارف “الأخ الأكبر”، اتصلوا بـ”وكلاء السفر” ، أو ما يسمى “مهربي البشر” وثم تمكنوا من ترتيب جوازات سفر “مزورة “، وبعد عبور في البحر إلى”اليونان”، سافر الوالدان والأخت واحدا تلوا الآخى إلى “هولندا” عبر مطار “أثينا”.
تضيف الصحيفة “تم القبض على الأسرة وهم في طريقهم إلى مركز تقديم طلبات اللجوء في “تيرابل”، ثم من خلال تحقيق واسع حول العائلة وشركاؤهم الأتراك، ثم السماح قانونيا بتحليل المكالمات الهاتفية لدى الأخوة وهذا بالنهاية قاد إليهما”.
وتنقل عن (طارق) قوله “المهربون نقلوا عائلتنا، وقمنا بحمايتهم من الناحية العملية. عندما شعرنا أن رحلة في شاحنة تركية مهددة بالخطر، اتصلنا بالشرطة”.
فيما قال (محمد): “أردنا منع والدينا من المرور بنفس المصاعب أثناء رحلتنا كما فعلنا في عام 2014، عندما تقدمنا بطلب للحصول على اللجوء في هولندا”.
ولكن جواب رئيس الجلسة كان “المحكمة تولي الحقائق أهمية، ثم تأتي الأخلاق” ، حسب الصحيفة التي أردفت “الحقيقة هي أن الأسرة أقامت بشكل غير قانوني في هولندا. ما هو دور الإخوة في هذا؟ هل كانت هناك خطة؟ على سبيل المثال، هل قاموا بشراء تذاكر الطيران بأنفسهم؟”.
“وإذا قمت بتحليل مسار المال، ماذا عن الـ 12 ألف يورو التي دفعها الأخ الأكبر للمهربين نقدًا بحسب علاقاته مع الجهة التركية؟”. يتساءل رئيس الجلسة.
تتابع الصحيفة: “طارق ينفي كونه قام بهذا الدفع، مؤكدا أنها كانت مدخرات والده، علاوة على ذلك، لم يكن هو، بل أخته، هي من رتب الرحلة إلى هولندا ودفع ثمنها عبر هاتفه. أنت تدفع بعد ذلك إذا تم الوفاء بالاتفاقيات وتم الوصول إلى الوجهة، وإلا فإنه سيتم سرقتك. ونعم، كأخوة كانوا على اتصال من حين لآخر مع المهربين، وتم إرسال أوراق هوية مزورة إليهم في رسائل نصية”.
سأل القاضي الأخ الأصغر: “تهريب الأشخاص غالبًا ما يحكم عليهم بالسجن. ماذا يعني ذلك بالنسبة لك؟”، فأجاب “محمد” بالقول “رهيب! أنا لست مهرب أشخاص. كنت أرغب في نقل عائلتي إلى بر الأمان”.
بينما قال طارق شقيقه: “صدمت، بعد ذلك فقط أدركت أنني قد انتهكت القانون”.
*لم يأت الحكم المخيف
حكم السجن المخيف لن يأتي، فقد طالب “المدعي العام” بخدمة المجتمع لمدة 100 يوم، بالإضافة إلى السجن لمدة يومين (الحبس الاحتياطي)، وتم إسقاط دافع الربح من القضية، مع ذلك يبقى الشقيقان مذنبين بالاشتراك في تهريب البشر.
قال المدعي العام: “يمكنني أن أتخيل بأنك تقدم على مافعلته كابن، لكن هذا يؤدي إلى الدخول والإقامة غير القانونيين في هولندا، وهذا يقوض ويحبط سياسة الحكومة”.
اقرأ أيضاً: باحث اقتصادي يكشـ.ـف حجم الضـ.ـرر الذي ألحقته قرارات بشار الأسد بالسوريين في الداخل
فيما طالب”المحامي” بالبراءة، وبأن لا يعاقب الأخوان كما يقول في إشارة إلى حكم المحكمة العليا الصادر عام 2017، وبأن الأخوين تصرفا على أسس “مثالية و إنسانية”، كانت الأسرة في خطر وشيك إذا تم إعادتها إلى نظام “الأسد”، وإذا كانت المحكمة لا ترى ذلك، فإنه يطلب اعتبارهما مذنبين دون عقاب.
في النهاية قضت “المحكمة” حسب طلب “النيابة” وحكمت بـ”خدمة المجتمع” على الشقيقين لأنهما ساعدا في تهريب الأشخاص، وإذا تكرر الخطأ مرة أخرى في غضون ثلاث سنوات، يتعين عليهما الذهاب إلى السجن لمدة 6 أشهر.