لاجئ سوري يتفوق على أقرانه في الدانمارك وينجح بصنع “روبوت سوري”
يعاني اللاجئون في أوروبا من التمييز والخوف من الغرباء بالرغم من امتنانهم الكبير لحصولهم على الأمان والدعم المادي والتعليم والفرص التي تقدمها لهم الدول المضيفة، فهم بالنهاية بشر عاديون لديهم من الطموحات والمخاوف والآمال ما لدى غيرهم من الأوروبيين، ويعلق على ذلك د. داوود عبد الله بقوله: “إنهم يطمحون أيضاً للعيش بسلام وأمان ولتطوير قدراتهم لأعلى مستوى ممكن، إذ لو لم تقم الحروب والنزاعات العنيفة ولو لم يتعرضوا لاضطهاد كبير في بلادهم، لما تركوا أوطانهم وعائلاتهم”.
روبوت سوري!
نجح اللاجئ السوري في الدنمارك “أحمد منصور” في التغلب على الكثير من التحديات التي واجهها في بلده الجديد، بل أصبح اليوم يتفوق على أقرانه في مجال تطوير وصناعة الروبوت (الإنسان الآلي).
ولد أحمد في دمشق عام 1986 ويعيش اليوم في مدينة أودينس الدنماركية، وهو بالأساس مهندس حاسوب ومتخصص في مجال علوم الشبكات، وحاصل على شهادة الماجستير في تقانة الشبكات من الجامعة الافتراضية السورية، ومتزوج ولديه ابنان، طفل وطفلة.
عند انتقاله إلى الدنمارك عام 2015، عمل أحمد لدى شركة بلو أوشن روبوتيكس التي أسست في عام 2013، والتي تقوم بتصنيع الروبوتات من الصفر، أي “من الفكرة الأولية إلى منتج جاهز للاستخدام ويشمل ذلك عمليات التسويق والبيع” بحسب أحمد.
أما في سوريا، فعمل أحمد في قسم تقانة المعلومات وكان أستاذاً لمادة البرمجة والتصميم لدى مركز الحضارة الدولي بدمشق، ومنها انتقل إلى فرع الشركة بليبيا حيث عمل مديراً لقسم تقانة المعلومات لمدة عامين وأستاذاً متخصصاً في تقانة المعلومات أيضاً.
dsc9224.jpg
معضلة اللغة الدنماركية
وفي بلده الجديد، كان تعلم اللغة من أكبر الصعوبات التي واجهته كونها مختلفة تماماً عن اللغة العربية، وحول ذلك يقول أحمد: “اللغة الدنماركية صعبة وذلك لأن القراءة والكتابة شيء، واللفظ شيء آخر، إلا أن ما ساعدني على تعلمها هو خبرتي في مجال التدريس، إذ كان علي أن أقرأ الكثير من الكتب لأغراض تعليمية وأن أتحدث إلى الطلاب والمعلمين كل يوم”.
أحلام مقصوفة.. مصير مجهول لعشرات اللاجئين السوريين في الدنمارك
وفي شركة بلو أوشن روبوتيكس أصبح أحمد يعمل مصمماً ومطوراً للروبوتات، وعن ذلك يقول: “يقوم عملي على تطوير الواجهة الأمامية لأربعة روبوتات وذلك عبر تقديم تصميم جديد، عصري وجذاب، وقريب من المستهلك، ويتماشى مع التقانة والأساليب الحديثة بحيث يسهل على المستخدم التواصل والتعامل معه، حتى لو لم تكن لديه الخبرة أو التدريب الكافي في هذا المجال”.
الروبوتات هي المستقبل
ودخل أحمد عالم الروبوتات نظراً لحاجته إلى كسر الروتين والتميز في مجال مختلف، وعن هذا يقول: “أصبحت الروبوتات هي المستقبل، وتعتبر الدنمارك من الدول الرائدة في مجال الروبوتات، ولهذا أردت أن أستغل الفرصة كوني أعيش في ثاني أفضل مدينة أوروبية من حيث الروبوتات وأن أعمل في هذا المجال ضمن واحدة من أقوى الشركات العالمية في مجال صناعة وتطوير الروبوتات”.
ويمتلك أحمد خبرة في مجال التصميم الغرافيكي وتطوير الويب، بالإضافة إلى خبراته في مجال البيانات والاتصالات، وهذا ما يجعله خارج إطار المنافسة بحسب اعتقاده، ويعلق على ذلك بقوله: “أحمل عدة شهادات دولية كمدرب أهمها شهاداتي من مايكروسوفت وسيسكو وأدوبي، ولهذا السبب عملت محاضراً في تلك التخصصات لمدة عامين لدى جامعة هانسنبيرغ بمدينة كولدينغ الدنماركية، وكان ذلك من عام 2018 وحتى 2019، وتمَّ اختياري من بين 15 شخصاً تقدموا للحصول على تلك الوظيفة ويعود الفضل في ذلك لخبراتي في تلك الميادين المختلفة ولقدرتي على الجمع بينها”.
“خلدون سنجاب” عبقري البرمجة السوري يتخرج في جامعة الشارقة
ونظراً لتفشي جائحة كوفيد-19، أصبح التركيز منصباً على روبوت UVD الذي تتلخص وظيفته الأساسية في القيام بعمليات التطهير والتعقيم، ويعلّق أحمد: “يوجد داخل هذا الروبوت جهاز لقرص تحكم يقوم الموظف أو الممرض باستخدامه، ويتم من خلاله القيام بعملية التعقيم. وهو عبارة عن تطبيق يقوم بتوجيه المستخدم، وفي بداية الأمر اقتصر استخدام هذا الروبوت على المشافي فقط، ولكن منذ أن بدأت الجائحة زادت مبيعات هذا الروبوت بشكل كبير، ودخل حيز الاستخدام في مجالات أخرى، حتى في مجال التنظيف الدوري للمراكز والمحال والشركات التجارية. وحالياً أصبحت الشركات الدولية مثل فيس بوك وآبل تستخدم هذا الروبوت. كما يمكن تشغيله في الفنادق والنوادي الرياضية والمدارس وغير ذلك، حيث يمكن للفنادق أن تستخدمه في مجال التنظيف بعد خروج كل نزيل، وفي ذلك ميزة يمكن أن تستقطب المزيد من النزلاء..
اقرأ أيضاً: المتحدث باسم الرئيس التركي يبحث مع رئيس الائتلاف السوري تصـ.ـعيد بشار الأسد وروسيا وموضوع اللاجئين
وقد اعتمد هذا الروبوت للقيام بعمليات التطهير والتعقيم في مطار حمد الدولي بقطر كما أبرم الاتحاد الأوروبي الآن صفقة كبيرة لشراء دفعة من هذه الروبوتات. وخلال العام الماضي، تم بيع تلك الروبوتات لبعض الدول العربية، مثل قطر والسعودية والأردن والكويت والإمارات”.
ويأمل أحمد منصور أن يضاف اسمه للأسماء الرائدة في هذا المضمار، كما يطمح مستقبلاً لإنشاء شركة تعنى بتطوير وتصنيع الروبوتات التي تجعل حياة الناس أسهل، على حدّ تعبيره.