أمينة أكويفا .. قصة الطبيبة والقناصة الأوكرانية التي أرقت الجيش الروسي!
تحوّلت الطبيبة والقناصة الأوكرانية – الشيشانية أمينة أكويفا إلى أيقونة لدى شعبها، ورمزًا لنضالهم في وجه “التغول الروسي” كما تصفها التقارير الإعلامية.
وذلك بعد مسيرة مليئة بالمحطات الدرامية بين مهنة الطب وحمل السـ.ـلاح وفقدانها لأحبائها على يد الروس قبل اغتـ.ـيالها.
القومية وإعلان إسلامها
ففي تفاصيل حياتها، ولدت أمينة أكويفا التي اشتهرت بأنها السيدة التي “أنهكت بوتين وحلفاءه” في مدينة أوديسا الواقعة جنوب غربي أوكرانيا لعائلة من أصول شيشانية عام 1983، وكان ذلك قبل انهـ.ـيار الاتحاد السوفييتي عندما كان يضم البلدان الثلاثة: أوكرانيا، والشيشان، وروسيا.
والتحقت أوكييفا التي توفي والدها وهي طفلة والتي لم يكن اسمها حينها أمينة بل ناتاليا نيكيفوروما، إلى صفوف الجيش الأوكراني برتبة مجندة، وعملت عارضة أزياء في روسيا خلال التسعينيات.
القومية وإعلان إسلامها
كان زوج والدتها مدير متحف الفن الشرقي والغربي في أوديسا، وفي عام 1999 اندلعت حرب الشيشان الثانية التي شنها الروس بغرض إخضاع البلد الذي كان يحاول الاستقلال عقب انهـ.ـيار الاتحاد السوفييتي عام 1991.
وقتها، كانت ناتاليا مقيمة في الشيشان حيث شعرت أن الغزو الروسي ساهم في إحياء المشاعر القومية لديها لتعلن إسلامها عندما كان عمرها 17 عامًا وتغيّر اسمها إلى أنستازيا.
وتعرفت بعدها على الجندي الشيشاني المحـ.ـارب ضدّ الروس عيسى مصطفينوف الذي تصنّفه السلطات الروسية “عضوًا في منظمة إرهـ.ـابية في الشيشان”، فتزوجته وغيرت اسمها إلى أمينة.
لكن فرحتها لم تدم طويلًا حيث توفـ.ـي زوجها عام 2003 أي بعد زواجهما بـ3 أعوام ووصفت وسائل الإعلام وفـ.ـاته بـ”المفاجئة” بحسب “البي بي سي”.
زيجات ومخاطر أمينة
تزوّجت أمينة للمرة الثانية في العام نفسه، من الشيشاني إسلام توخشيف الذي كان يحمل جواز سفر روسي باسم إسلام أوكييف، الذي حصلت منه على لقبها الأخير الذي لازمها “أوكييف”.
كما أن توخشيف كانت تصنفه السلطات الروسية “عضوًا في منظمة إرهـ.ـابية” أيضًا، ورغم ذلك عادت أمينة مع زوجها الجديد للعيش في مدينة أوديسا حيث ولدت.
وهناك درست الشابة الطب وتخصصت في الجراحة العامة، حينها كان النظام السياسي في أوكرانيا مواليًا لروسيا فسرعان ما قامت السلطات المحلية بطرد زوجها بسبب “انتهاكه شروط الإقامة في البلاد”، لينفصلا لاحقًا بعد أن حكم عليه القضاء الروسي بالسـ.ـجن مدى الحياة بتهـ.ـمة قتـ.ـل ضابط استخبارات عام 2006.
وفي العام نفسه الذي طردت فيه أوكرانيا إسلام أوكييف، اندلعت “الثورة البرتقالية” في البلاد التي أخرجت الحكم من الفلك الموالي لروسيا.
لكن حياة أمينة تغيّرت تمامًا عقب زواجها للمرة الثالثة عام 2008 من العسكري الشيشاني آدم أوسمايف الذي ستتّهمه المخابرات الأوكرانية والروسية شخصيًا بمحاولة اغتـ.ـيال فلاديمير بوتين عام 2012 والذي سيقضي على إثرها عامين ونصف في سـ.ـجن أوكراني بعهد النظام الحاكم فيكتور يانوكوفيتش الذي كان مواليًا لروسيا في ذلك الوقت.
هكذا، عاد يانوكوفيتش إلى سدّة الحكم عام 2010 على الرغم من “الثورة البرتقالية”، ورغم ذلك امتنعت أوكرانيا عن تسليمه لروسيا إثر الإفراج عنه.
أما هنا فدخلت مسيرة أمينة ضد النفوذ الروسي مرحلة جديدة، مع اندلاع احتجاجات “الميدان الأوروبي” في كييف عام 2013 ضد الرئيس يانوكوفيتش الموالي لروسيا، حيث شاركت أوكييف في علاج المحتجين المصـ.ـابين إثر الاشـ.ـتباكات.
كما تطوعت أمينة أكويفا للعمل طبيبة إلى جانب مجموعة نشطاء يعرفون باسم “الأفغان المائة” وهي مجموعة مكونة من قدامى المحـ.ـاربين في الحرب الأفغانية السوفييتية، كانوا يرابطون في الساحات خلال احتجاجات “الميدان الأوروبي”.
وفي عام 2014، ضمت روسيا شبه جزيرة القرم ثم دعمت الانفصاليين في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، ليشن الجيش الأوكراني حربًا على القوات المدعومة من الكرملين.
أكويفا من القنص إلى البرلمان
في ذلك الوقت فتحت كييف باب التجنيد والتطوع لتنضم أمينة حينها إلى كتيبة المتطوعين “كييف 2” التابعة للجيش الأوكراني، حيث كان من المفترض أن يقتصر دورها على علاج المصـ.ـابين لكنها سرعان ما انخرطت في عمليات تدريب عسكرية تحوّلت على إثرها إلى القـ.ـتال في الجبهات الأمامية.
وأصبحت أمينة مع الوقت واحدة من أبرز قناصي أوكرانيا، وانضمّت لاحقًا إلى كتيبة “البوابة الذهبية”، كما ساهمت في إنشاء كتيبة لحفظ السلام الدولية “جوهر دوداييف” إثر مقـ.ـتل قائد الكتيبة عيسى موناييف عام 2015.
فتولّى زوجها آدم رئاسة الكتيبة فيما أصبحت أمينة الناطقة باسمها والمكلفة بالإعلام المسؤولة عن تقديم التقارير العسكرية الرسمية، كذلك كانت قد اقتحـ.ـمت عالم السياسة ورشحت نفسها للانتخابات البرلمانية عام 2014، ورغم أنها لم تنجح في الوصول إلى البرلمان إلا أنها أصبحت مساعدة النائب في البرلمان إيغور موسيشوك بشكل تطوعي.
فموسيشوك يعدّ من ألد أعـ.ـداء فيكتور يانوكوفيتش ومن أشد المناهضين للنفوذ الروسي في البلاد، كما العدو اللدود لرمضان قاديروف حاكم الشيشان الموالي للكرملين.
وأعلن موسيشوك مع مساعدته الجديدة إنشاء “كتلة الأمم المناهضة للكرملين” عام 2014، قبل أن تحصل أمينة على لقب “بطلة الشعب الأوكراني” عام 2015 ويطلق اسمها على أحد شوارع أوكرانيا.
نهاية حكاية أمينة
إلى جانب هذه الإنجازات السياسية، تمكنت أمينة من إنقاذ زوجها آدم أوسمايف من اغتـ.ـيال محقق عام 2017 بعدما تنكّر شخص في هيئة صحافي فرنسي في صحيفة “لو موند” لإجراء لقاء معهما، حيث أطلق النـ.ـار على الزوج ليصيبه بجـ.ـروح بليغة.
فعلى الفور، ردّت أمينة أكويفا بإطلاق النـ.ـار على القناص الذي ألقي القبض عليه لاحقًا، وأعلنت حينها وزارة الداخلية الأوكرانية أنه روسي الجنـ.ـسية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.
إنما بعد أشهر من الحـ.ـادثة، تعرّضت أمينة وزوجها إلى محاولة اغتـ.ـيال أخرى حين كانت سيارتهما هدفًا لكمين بالقرب من العاصمة كييف أصيـ.ـبت على إثرها أمينة بجـ.ـرح بليغ في الرأس أرداها قتيـ.ـلة بينما نجا زوجها.
وبحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية أشارت تحقيقات للسلطات الأوكرانية إلى تـ.ـورط روسيا بحـ.ـادثة الاغتـ.ـيال، كما أشارت أصابع الاتهام أيضًا للنظام الشيشاني الموالي لموسكو.
لتطوي هذه الخاتمة المـ.ـأساوية، صفحة حكاية أمينة أكويفا الأوكرانية التي يستدعي ذكرها الآن أصداء الأزمة الروسية الأوكرانية.