النظام السوري يعلق على اتفاق أضنة ويطالب أنقرة باتخاذ هذه الخطوات لضمان أمنها وسلامة حدودها
أكدت وزارة الخارجية والمغتربين التابعة للنظام السوري التزامها باتفاقية أضنة داعياً تركيا إلى الالتزام بها والتوقف عن دعم وتمويل ما وصفها بالمجموعات الإرهابية والانسحاب من الأراضي السورية.
وقالت الخارجية في بيان لها اليوم بحسب ما نشرت وكالة سانا ورصدته: ” سورية مازالت ملتزمة بهذا الاتفاق والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب بأشكاله كافة من قبل الدولتين، إلا أن النظام التركي ومنذ عام ٢٠١١، كان ولا يزال يخرق هذا الاتفاق عبر دعم الإرهاب وتمويله وتدريبه وتسهيل مروره الى سورية، أو عبر احتلال أراض سورية من خلال المنظمات الإرهابية التابعة له، أو عبر القوات المسلحة العسكرية التركية بشكل مباشر.
ورأت الخارجية أن اَي تفعيل لهذا الاتفاق يتم عبر إعادة الأمور على الحدود بين البلدين كما كانت، مطالبة تركيا بالالتزام بالاتفاق وتوقف تركيا عن دعم الإرهابيين وتمويلهم وتسليحهم وتدريبهم.
كما دعت خارجية النظام أنقرة إلى سحب قواتها العسكرية من المناطق السورية التي تحتلها بحسب وصفها، حتى يتمكن البلدان من تفعيل هذا الاتفاق الذي يضمن امن وسلامة الحدود لكليهما.
وأكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الجمعة أن بلاده تعتبر اتفاق أضنة المبرم بين تركيا وسوريا عام 1998 لا يزال ساريا، مشيرا إلى أن موسكو وأنقرة مهتمتان بإعادة وحدة الأراضي السورية
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أكد أن اتفاق أضنة بين أنقرة ودمشق يمنح تركيا الحق في دخول أراضي سوريا، واعدا بأن تتم إقامة المنطقة الآمنة في الشمال السوري خلال عدة أشهر.
وقال أردوغان، في كلمة ألقاها الجمعة في مدينة أرضروم، حسب ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية الرسمية ورصدتها الوسيلة ، في تطرقه إلى العملية المرتقبة في منطقة شرق الفرات ضد قسد : “إن ما يجري عند حدودنا مع سوريا وراءه حسابات تتعلق بـتركيا وليس بسوريا… لصبرنا حدود ولن ننتظر إلى الأبد”.
وأضاف الرئيس التركي: “لسنا بحاجة لدعوة من أحد، نحن لدينا بالفعل حق التدخل عبر اتفاق أضنة المبرم عام 1998”.
إتفاق أضنة
أفرزت تداعيات الحرب العالمية الأولى اتفاقًا بين تركيا وفرنسا -بوصفها دولة انتداب على سوريا- يقضي بترسيم الحدود التركية السورية، نتج عنه “سلخ” تدريجي لأراضٍ ضمت الحزام الشمالي لسوريا منذ ذلك الحين وحتى عام 1939.
وبعد ذلك دخلت العلاقات السورية التركية -حتى نهاية تسعينيات القرن العشرين- مرحلة من التوتر المتفاوت الحدة تبعا لدرجة شدة الهواجس والمخاوف المتبادلة، حيث اندمجت سوريا تدريجيًّا في الإطار التحالفي والردعي المفروض على المنطقة في إطار نظام عالمي ثنائي القطبية طبعته أجواء الحرب الباردة، فأصبحت الحدود السورية التركية واحدة من “حدود” هذه الحرب.
وطول عقود تركزت نقاط الخلاف والتوتر الشديد بين الطرفين حول قضايا الحدود، والمياه، والأكراد، ومستقبل العراق، والعلاقات مع الولايات المتحدة، وإسرائيل، والسياسات الإقليمية… إلخ.
لكن العامل الأكبر في توتر علاقات الطرفين -خلال الثمانينيات والتسعينيات- كان الدعم الذي ظلت دمشق توفره لحزب العمال الكردستاني (PKK) في صراعه المسلح مع أنقرة الذي اندلع في 1984، فكان زعيمه عبد الله أوجلان يقيم في العاصمة السورية، وسمح النظام السوري للحزب بتأسيس معسكرات تدريبية فوق أراضيه.
وبدءا من مطلع عام 1996 قدمت تركيا (في عهد الرئيس سليمان ديميريل ورئيس الوزراء مسعود يلماظ) تحذيرات للنظام السوري (أيام الرئيس حافظ الأسد) بضرورة الإقلاع عن دعم الحزب الكردستاني، وإلا فإنها “ستضطر لاتخاذ ما يلزم لحفظ أمنها القومي”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1998 بلغت الأزمة السياسية بين البلدين ذروتها -بصورة غير مسبوقة منذ عام 1958- حين حشدت أنقرة قوات كبيرة على حدود البلدين، مهددة باجتياح الجانب السوري منها إذا استمر نظام الأسد في توفير ملجأ آمن لأوجلان.
جرت وساطات إقليمية لاحتواء الأزمة شاركت فيها جامعة الدول العربية ومصر وإيران، وكان من نتائجها توقيع الدولتين اتفاقا أمنيا بمدينة أضنة التركية يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 1998، وشكل ذلك الاتفاق “نقطة تحول” رئيسية في مسار العلاقات بين الدولتين.
أبرز المضامين
حسب المتاح إعلاميا عن اتفاق أضنة وملاحقه السرية الأربعة فإن أهم مضامينه تتلخص فيما يلي:
1- تعاون سوريا التام مع تركيا في “مكافحة الإرهاب” عبر الحدود، وإنهاء دمشق جميع أشكال دعمها للحزب الكردستاني، وإخراج زعيمه أوجلان من ترابها، وإغلاق معسكراته في سوريا ولبنان (كان آنذاك خاضعا للوصاية السورية المباشرة)، ومنع تسلل مقاتليه إلى تركيا.
2- احتفاظ تركيا بـ”حقها في ممارسة حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس” وفي المطالبة بـ”تعويض عادل” عن خسائرها في الأرواح والممتلكات، إذا لم توقف سوريا دعمها للحزب الكردستاني “فورا”.
3- إعطاء تركيا حق “ملاحقة الإرهابيين” في الداخل السوري حتى عمق خمسة كيلومترات، و”اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة إذا تعرض أمنها القومي للخطر”.
4- اعتبار الخلافات الحدودية بين البلدين “منتهية” بدءا من تاريخ توقيع الاتفاق، دون أن تكون لأي منهما أي “مطالب أو حقوق مستحقة” في أراضي الطرف الآخر.
وقد فُسر هذا البند الرابع بأنه تخلٍّ رسمي من سوريا عن مطالبتها بلواء إسكندرون الذي تسميه تركيا “محافظة هتاي”، ليصبح بموجب هذا البند جزءا من الأراضي التركية. ويقول مراقبون إن السلطات السورية توقفت -بعد توقيعها اتفاق أضنة- عن طباعة أو نشر خرائط رسمية يظهر فيها لواء إسكندرون ضمن حدودها.