بوتفليقة يستجيب لطلبات المتظاهرين ويعلن بيان هام للشعب الجزائري
أعلن الرئيس الجزائري “عبد العزيز بوتفليقة” عدم ترشحه لولاية خامسة، بحسبما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية مساء اليوم الاثنين.
وأفادت الوكالة الجزائرية، بأن الرئيس “بوتفليقة” أعلن أيضاً تأجيل الانتخابات الرئاسية، والتي كانت مقررة يوم 18 نيسان 2019.
كما أعلن في رسالة إلى الشعب الجزائري عن إجراء تعديلاتٍ جمة على تشكيلة الحكومة، وتنظيم الاستحقاق الرئاسي عقب الندوة الوطنية المستقلة، تحت إشراف حصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة.
واستقبل “بوتفليقة”، بالجزائر العاصمة، نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق “أحمد قايد صالح”، وفي وقتٍ سابق من اليوم الاثنين كان قد أعلن رئيس الوزراء الجزائري “أحمد أويحيى” استقالته أيضاً من منصبه.
وقال بوتفليقة في رسالة للأمة: “لن تجري انتخابات رئاسية يوم 18 نيسان المقبل، والغرض هو الاستجابة للطلب الملّح الذي وجهتموه إلي”، في إشارة إلى المتظاهرين ضد ترشحه.
وأضاف الرئيس الجزائري قوله: “لا مكان لعهدة خامسة”، مشيراً إلى أنه سيتم تشكيل ندوة وطنية تقر إصلاحات وتحدد موعد إجراء انتخاب، كما أضاف أيضاً: “لن أترشح له بأي حال من الأحوال”.
ومن جانبه سيتولى الـمجلس الدستوري بكل استقلالية، القيام بالمهام التي يخولها له الدستور والقانون، فيما يتعلَق بالانتخاب الرئاسي القادم.
وكان قد عاد الرئيس الجزائري “عبد العزيز بوتفليقة” إلى بلاده مساء الأحد، بعد قضاء أسبوعين في مستشفى سويسري لإجراء فحوص طبية روتينية، بحسب ما صرحت به الرئاسة الجزائرية.
“عبد العزيز بوتفليقة” البالغ من العمر 82 عاما، كان قد سافر إلى جنيف في 24 شباط الماضي بعد يومين فقط من خروج عشرات الآلاف من الجزائريين في مظاهرات احتجاج ضد ترشحه لولاية رئاسية خامسة.
كما أعلن في وقت سابق أكثر من ألف قاض جزائري، أنهم سيرفضون الإشراف على الانتخابات الرئاسية في البلاد المقررة الشهر المقبل، إذا شارك فيها الرئيس “عبد العزيز بوتفليقة”.
النص الكامل للرسالة التي وجهها “بوتفليقة” إلى الشعب الجزائري
“بسم الله الرحمن الرحيم”
والصلاةُ والسلام على أشرفِ المرسلين
وعلى آلهِ وصحبِه إلى يوم الدّين
أيتها الـمواطنات الفضلياتي
أيها الـمواطنون الأفاضلي
تمُرُّ الجزائر بمرحلة حساسة من تاريخها. ففي الثامن من شهر مارس الجاريي و في جُمعةِ ثالثة بعد سابقتيها شهِدت البلادُ مسيرات شعبية حاشدة. ولقد تابَعـْتُ كل ما جرىي و كما سبق لي وأن أفضيت به إليكم في الثالث من هذا الشهري إنني أتفهمُ ما حرك تِلكَ الجُموعِ الغفيرة من المواطنين الذين اختاروا الأسلوب هذا للتعبيرِ عن رأيهمي ذلكم الأسلوب الذي لا يفوتنيي مرَّة أخرىي أن أنوه بطابعه السلـمي.
إنني لأتفهم على وجهِ الخصوص تلك الرسالة التي جاء بها شبابنا تعبيرًا عما يخامرهم من قلق أو طموح بالنسبة لمستقبلهم ومستقبل وطنهم. وأتفهَّمُ كذلك التباين الذي وَلَّدَ شيئًا من القلقي بين تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعد مناسب تقنيا من حيث هو معلـم من معالـم حكامة الحياة الـمؤسساتية والسياسية و بين التعجيل بفتح ورشة واسعة بأولوية سياسية قصوى للغاية و من دون تعطيل غير مبرري الـمتوخى منها تصور و تنفيذ إصلاحات عميقة في الـمجالات السياسية و الـمؤسساتية و الاقتصادية والاجتماعية بإشراك على أوسع ما يكون و أكثر تمثيلاً للـمجتمع الجزائري بما فيه النصيب الذي يجب أن يؤول للـمرأة و للشباب. إنني أتفهمُ كذلك أنّ مشروع تجديد الدولة الوطنية الذي أفصحتُ لكم عن أهمِّ مفاصله يجدر أن يضفى عليه الـمزيد من التوضيح وأن يتم إعداده حتى نتفادى أية ريبة قد تخامر الأذهــــان وذلك باستجماع الشروط اللازمة و الظروف الـملائمة لتبنيه من قبل كل الطبقات الاجتماعية و كل مُكوِّنات الأمة الجزائرية.
وفاء مِنّي لليمين التي أدّيتها أمام الشعب الجزائري بأن أصون وأرجح الـمصلحة العليا للوطني في جميع الظروف وبعد الـمشاورات الـمؤسساتية التي ينصُّ عليها الدستوري أدعو الله أن يعينني على عدم الزيغ عن القيم العليا لشعبنا التي كرسها شهداؤنا الأبرار ومجاهدونا الأمجاد وأنا أعرض على عقولكم و ضمائركم القرارات التالية:
أولاً: لا محلَّ لعهدة خامسة بل إنني لـم أنْوِ قط الإقدام على طلبها حيـث أن حالتي الصحية و سِنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري ألا و هو العمل على إرساء أسُس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار للنظام الجزائري الجديد الذي نصبو إليه جميعًا. إن هذه الجمهورية الجديدة وهذا النظام الجديد سيوضعان بين أيدي الأجيال الجديدة من الجزائريات و الجزائريين الذين سيكونون الفاعلين والـمستفيدين في الحياة العمومية وفي التنمية الـمستدامة في جزائر الغد.
ثانيًا: لن يُجْرَ انتخاب رئاسي يوم 18 من أفريل المقبل. و الغرض هو الاستجابة للطلب الـمُلِح الذي وجهتموه إلي حرصا منكم على تفادي كل سوء فهم فيما يخص وجوب و حتمية التعاقب بين الأجيال الذي اِلْتزمت به. ويتعلقُ الأمر كذلك بتغليب الغاية النبيلة الـمتوخاة من الأحكام القانونية التي تكمُن في سلامة ضبط الحياة الـمؤسساتية و التناغم بين التفاعلات الاجتماعية – السياسية ؛ على التشدد في التقيد باستحقاقات مرسومة سلفا. إن تأجيل الانتخابات الرئاسية الـمنشود يأتي إذن لتهدئة التخوفات المعبَّر عنها قصد فسح الـمجال أمام إشاعة الطمأنينة والسكينة و الأمن العامي ولنتفرغ جميعا للنهوض بأعمال ذات أهمية تاريخية ستمكّننا من التحضير لدخول الجزائر في عهد جديدي وفي أقصر الآجال.
ثالثًا: عزما مني على بعث تعبئة أكبر للسلطات العمومية وكذا لمضاعفة فعالية عمل الدّولة في جميع المجالات قرَّرتُ أن أُجري تعديلات جمة على تشكيلة الحكومة في أقرب الآجال. والتعديلات هذه ستكون ردًا مناسبا على الـمطالب التي جاءتني منكم وكذا برهانا على تقبلي لزوم المحاسبة و التقويم الدقيق لـممارسة الـمسؤولية على جميع الـمستويات وفي كل القطاعات.
رابعًا: الندوة الوطنية الجامعة المستقلة ستكون هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لتدارس و إعداد واعتماد كل أنواع الإصلاحات التي ستشكل أسيسة النظام الجديد الذي سيتمخض عنه إطلاق مسار تحويل دولتنا الوطنية هذا الذي أعتبر أنه مهمتي الأخيرة التي أختم بها ذلكم الـمسار الذي قطعته بعون الله تعالى و مَدَدِهِ و بتفويض من الشعب الجزائري.
ستكون هذه النّدوة عادلة من حيث تمثيلُ المجتمعِ الجزائري ومختلف ما فيه من الـمشارب و الـمذاهب، ستتولى النّدوة هذه تنظيم أعمالها بحريّة تامة بقيادة هيئة رئيسة تعددية على رأسـها شخصية وطنية مستقلة تَحظى بالقبول والخبرة على أن تحرص هذه النّدوة على الفراغ من عُهدَتها قبل نهاية عام 2019، سيُعرض مشروع الدستور الذي تعدُّه النّدوة الوطنية على الاستفتاء الشعبي، والندوة الوطنية الـمُستقلة هي التي ستتولى بكل سيادةي تحديد موعد تاريخ إجراء الانتخاب الرئاسي الذي لن أترشح له بأي حال من الأحوال.
خامسًا: سيُنظَّم الانتخاب الرئاسي عقب الندوة الوطنية الجامعة الـمستقلة تحت الإشراف الحصري للجنةٍ انتخابية وطنيةٍ مستقلة ستُحدد عهدتها وتشكيلتها و طريقة سيرها بمقتضى نصّ تشريعي خاص سيستوحى من أنجع و أجود التجارب والـممارسات الـمعتمدة على الـمستوى الدَّوْلي. لقد تقرر إنشاء لجنة انتخابية وطنية مستقلة استجابةً لـمطلب واسع عبرتْ عنه مختلف التشكيلات السياسية الجزائرية وكذا للتوصيات التي طالـما أبدتها البعثاتِ الـملاحظة للانتخابات التابعة للـمنظمات الدّولية والإقليمية التي دعتْها واستقبلتها الجزائر بمناسبة الـمواعيد الانتخابية الوطنية السابقة.
سادسًا: بغرض الإسهام على النحو الأمثل في تنظيم الانتخاب الرئاسي في ظروف تكفل الحرية والنزاهة و الشفافية لا تشوبها شائبة سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية تتمتع بدعم مكونات النّدوة الوطنية. و الحكومة هذه ستتولى الإشراف على مهام الادارة العمومية و مصالح الأمني و تقدم العون للجنة الانتخابية الوطنية الـمستقلة. و من جانبه ي سيتولى الـمجلس الدستوري ي بكل استقلالية الاضطلاع بالمهام التي يخولها له الدستور والقانوني فيما يتعلَّق بالانتخاب الرئاسي.
سابعًا: أتعهّدُ أمام الله عزَّ وجلَّي و أمام الشعب الجزائري بألاّ أدّخِر أيَّ جهدٍ في سبيل تعبئة مؤسسات الدّولة و هياكلها و مختلفِ مفاصلها وكذا الجماعات الـمحليّة من أجل الإسهام في النجاح التام لخطة العمل هذه. كما أتعهّدُ بأن أسهر على ضمان مواظبة كافة المؤسسات الدّستورية للجمهورية بكل انضباطي على أداء المهام المنوطة بكل منها و ممارسة سُلطتها في خدمة الشعب الجزائري و الجمهورية لا غير. خِتامًا أتعهّدُي إن أمدني الله تبارك وتعالى بالبقاء والعون أن أسلم مهام رئيس الجمهورية و صلاحياته للرئيس الجديد الذي سيختاره الشعب الجزائري بكل حرية.
أيتها الـمواطنات الفضلياتي
أيها الـمواطنون الأفاضلي
ذلِكُم هو المخرج الحسن الذي أدعوكم جميعا إليه لكي نُجنّب الجزائر الـمحن و الصراعات و هدرِ الطاقات، ذلِكُم هو السبيل الـمؤدي إلى قيامنا بوثبة جماعية سلـمية تمكّن الجزائر من تحقيق كل ما هي مجبولة على تحقيقه في كنف ديمقراطيةٍ مُزدهرة جديرة بأمجاد تاريخ أمتنا، ذلِكُم هو السبيل الذي أدعوكم إلى خوضه معي وأطلب عونكم فيه ومؤازرتي.
“و قل اعملوا فسيرى اللهُ عملكم ورسولُه والـمؤمنون” صدق الله العظيم
عاشت الجزائر الـمجد و الخلود لشهدائنا الأبرار
المصدر : مدونة هادي العبد الله