حزمة تغييرات يجريها الروس ويوقع عليها بشار الأسد
كشفت مصادر خاصة أن اختيار اللواء غسان جودت إسماعيل، نائب جميل الحسن، كرئيس جديد لإدارة “المخابرات الجوية” هو أمر روتيني، نظراً لكونه الآمر الفعلي في إدارة “الجوية” منذ 6 أشهر، بعد تدهور صحة الحسن، ونقله لأكثر من مرة إلى المستشفى، وعدم قدرته على التنقل من دون طاقمه الطبي الخاص.
وكان غسان إسماعيل، قد عُيّن نائباً لجميل الحسن، مطلع 2018، بعد ترقيته إلى رتبة لواء، وبدأت حينها ملامح تغيير الإدارة تظهر بوضوح، مع توسيع صلاحيات إسماعيل، بموافقة ورضا من الحسن، الذي قيل له رسمياً في تموز 2018، بإن العام 2019 ربما سيكون الأخير له.
وأوضحت مصادر “المدن” أن تغيير الحسن، جاء ضمن حزمة تغييرات أجراها الجانب الروسي، ووقع عليها “رئيس الجمهورية” بشار الأسد. إذ تم إعفاء اللواء محمد ديب زيتون، أحد المقربين شخصياً من الأسد، من “شعبة المخابرات العامة” المعروفة بـ”أمن الدولة”، وتم تعيين اللواء حسام لوقا بدلاً عنه، قادماً من رئاسة “شعبة الأمن السياسي”.
ووفق ذات المصادر تدرج لوقا في المناصب خلال السنوات الماضية بين “الأمن السياسي” و”أمن الدولة”، ليعود اليوم رئيساً لـ”شعبة المخابرات العامة”، التي كان يعمل سابقاً كمعاون لرئيسها.
في حين تولى اللواء ناصر العلي، منصب رئاسة “شعبة الأمن السياسي”، خلفاً للواء لوقا، الذي قام شخصياً بترشيح العلي خلفاً له.
بشار يعين علي مملوك نائباً له
بعد أقل من 24 ساعة على التعيينات الجديدة في قيادات الأجهزة الأمنية, جاء التغيير الأكبر في حزمة المناقلات والتعيينات الجديدة لقادة أبرز أجهزة القمع السورية، والذي طال رئيس “مكتب الأمن الوطني” اللواء علي مملوك.
صدر قرار تعيين اللواء علي مملوك، رسمياً، كنائب لرئيس الجمهورية بحسب ما ذكر مصدر ديبلوماسي سوري لـ”المدن”، صباح الاثنين.
وشملت التعيينات الجديدة اللواء محمد ديب زيتون، الذي سيحل مكان مملوك في رئاسة “جهاز الأمن الوطني”.
وقالت مصادر “المدن” إن اللواء محمد ديب زيتون، الصديق الشخصي لبشار الأسد، والرئيس السابق لـ”شعبة المخابرات العامة”، وأحد رجال الروس المُخلصين، حاز على منصب رئيس “مكتب الأمن الوطني” خلفاً لصديقه علي مملوك، كترقية روسيّة له ومكافأة على تعزيز العلاقة بين “شعبة أمن الدولة” والجانب الروس، خلال العامين الماضيين. اللواء زيتون كان قد وضع الشعبة تحت تصرف روسي كامل.
الروس وراء التغييرات
ورأى الموقع وفقاً لمصادره الخاصة أن الروس يقفون فعلياً خلف التغييرات الجذرية في قيادة أجهزة المخابرات السورية الأربعة، والتي جرت خلال الشهور الثلاثة الماضية، ضمن خطة بسلسلة من الخطوات؛ بدأت بالسيطرة الروسية على قيادة أركان قوات النظام و”شعبة المخابرات العامة”، وانتقلت بعدها للسطرة على “شعبة الأمن العسكري”، وأخيراً “الأمن الجوي” و”السياسي”.
وتشير ذات المصادر الخاصة إلى أن الأسماء التي جرى تغييرها، وضعت على طاولة بشار الأسد، منذ 10 أيام تقريباً، وجرى بعدها لقاء مع مجموعة الضباط الذين ستجري التنقلات بحقهم في مبنى الأركان بحضور اللواء علي مملوك، ومستشارين روس. واستثني من اللقاء اللواء جميل الحسن، الذي قُدّم له عرض روسي خارج مخطط التغييرات، بمحاربة إيران والتنسيق مع إسرائيل مقابل البقاء في منصبه, حسب المصادر.
إقرأ أيضاً: قوات روسية تعتـقل اثنين من قيادات فرقة ماهر الأسد
إلا أن السرّ يكمن بحسب مصادر المدن بأن الشخصيات الثلاث؛ لوقا والعلي وإسماعيل، الذين تم تعيينهم كرؤساء لشعب المخابرات، هم من أصحاب المواقف الموالية للوجود الإيراني في سوريا، وعلى تنسيق عالٍ مع ضباط “الحرس الثوري” وقيادة مليشيا “حزب الله” اللبنانية، ومن المعروفين بأنهم من الحلقة الضيقة ضمن تركيبة النظام الطائفية العلوية.
وكشف مصدر أمني رفيع المستوى، لـ”المدن”، أن الروس غير قادرين على إجراء تغيير شامل، خاصة في مواقع حساسة كرؤساء شعب المخابرات، التي تحتاج إلى شخصيات من أصحاب الخبرة الكبيرة والتاريخ الأمني الكبير، فاعتمدوا “سياسية الترويض” بالنسبة للشخصيات الحساسة أمثال لوقا والعلي وإسماعيل، و”إرضائهم بمناصب لم يكونوا ليحلموا بها لولا الرضى الروسي عليهم”.
وأضاف المصدر أن كل من جرى تعيينه، هو على دراية كاملة بأن الروس قادرون على الإطاحة به أو حتى تصفيته في حال عدم الانصياع للأوامر، وأن عليهم الابتعاد عن التنسيق مع الإيرانيين.
وتوقع المصدر أنه سيكون للواء علي مملوك، الذي أصبح نائب رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، شأن كبير خلال الفترة المقبلة، خاصة من حيث التواصل الخارجي واللقاءات السياسية العلنية، بعيداً عن اجتماعاته السرية في دول كثيرة خلال السنوات الماضية.
مستشار أمني القصر الرئاسي
كما عين رأس النظام بشار الأسد العميد الطبيب علي حسن تركماني، مستشاراً أمنياً في القصر الرئاسي، ليصبح أحد المقربين من بشار الأسد وفق ما كشفت مصادر خاصة.
وبحسب المصادر فإن تعيين تركماني، جاء بصفته المدنية، بعيداً عن منصبه العسكري.
وكانت لـ تركماني خلال الفترة الماضية جولة خارجية، بهدف تنفيذ مهام استخباراتية بالتنسيق مع بشار الأسد والجانب الروسي وعلي مملوك.
وتشير المصادر إلى أن تركماني قد بات يتواجد في القصر، منذ الصباح حتى المساء، وانتقل منزله من منطقة المزة إلى فيلا في يعفور ضمن المربع الأمني لـ”الفرقة الرابعة” و”حزب الله” والتي يقطنها كبار مسؤولي النظام.
والعميد علي حسن تركماني، ابن اللواء حسن تركماني، الذي تزعم “خلية الأزمة” وقتل في تفجيرها في العام 2012.
ورأت مصادر المدن أن عدم توفيق رئيس إدارة “المخابرات الجوية” اللواء جميل الحسن، في المهمة الأخيرة التي أوكلها له الجانب الروسي للتفاوض مع الإسرائيليين، أدت إلى اعفائه بسرعة من منصبه بعد أسبوع واحد على انتشار أخبار تؤكد التمديد له لسنة إضافية.
وكانت الوسيلة قد تناولت تفاصيل الاجتماع الذي عقده اللواء الحسن، وقادة من “الفيلق الخامس”، مع ضباط من الاستخبارات الإسرائيلية، في 30 حزيران/يونيو، بالقرب من “سرية الصفرة” في أم اللوقس القريبة من الحدود مع الجولان المحتل، بتنسيق روسي.
إقرأ أيضاً: اتفاق روسي إسرائيلي حول سوريا.. وروسيا تعزز قاعدة حميميم بنظام الكتروني جديد
حيث وضعت روسيا اللواء الحسن في الأسبوع الأخير من حزيران، أمام أحد خيارين؛ الموافقة على العرض الإسرائيلي مقابل البقاء لعام إضافي في مملكة “المخابرات الجويّة” التي يتزعمها الحسن منذ 10 سنوات، أو رفض العرض مقابل إعفائه من منصبه بحسب مصدر خاص.
وكانت إسرائيل، عرضت دمج “الفيلق الخامس” بقوات النظام واعتباره جزءاً من المؤسسة العسكرية للنظام، وإخراج المليشيات الإيرانية من المنطقة وإبعادها مسافة 55 كيلومتراً عن الحدود مع الجولان، على أن تموّل اسرائيل عملية قتال المليشيات الرافضة للانسحاب عن الحدود، بدعم روسي.
إلا أن اللواء الحسن، رفض العرض الإسرائيلي، وخرج منه لتهديد الأهالي في القنيطرة ودرعا بالمزيد من القمع، واعتبار المليشيات الإيرانية “أخوة” للسوريين.
الملاحقة القانونية
من جانبها اعتبرت المحامية التركية غولدان سونمز أن التغييرات التي أجراها النظام السوري في قياداته الأمنية، لن توقف الملاحقة القانونية بحقهم.
وخلال الأيام الماضية، أجرى النظام السوري تغييرات هامة شملت أجهزة الأمن والمخابرات التابعة له، وذلك بتعيين شخصيات أمنية لم يذكر البعض منها في التقارير المختلفة حول مرتكبي جرائم حرب، إلا أنها مشمولة بعقوبات أوروبية.
وحسب ما علمت “الأناضول” من مصادر محلية، فإن التغيرات جاءت في محاولة من النظام لتلميع صورته، عبر إقالة شخصيات متورطة في جرائم حرب، مثل استخدام الأسلحة الكيمائية والإخفاء القسري والتعذيب وغيرها.
وفي تصريح لوكالة “الأناضول“، قالت سونمز، وهي واحدة من مجموعة المحامين الذين رفعوا قضية ضد نظام بشار الأسد أمام “الجنائية الدولية” متهمين إياه بارتكاب “جرائم حرب”، إن بعض الأسماء التي تمت إقالتها من مناصبها موجودة في قائمة مرتكبي جرائم حرب التي عرضوها على المحكمة.
ولفتت سونمز إلى أن القائمة التي قدموها تضم 17 اسما من كبار قادة الصف الأول في النظام، وسيضاف إليها عدد كبير من قادة الصف الثاني وما دون ذلك.
وأكدت أن “إقالة هؤلاء لا يعني أنهم سيتخلصون من الملاحقة القانونية على الجرائم التي ارتكبوها”، مصيفةً أن محكمة الجنايات الدولية وغيرها من الآليات الحقوقية العالمية، تواصل العمل على هذه القضية.
وأشارت سونمز إلى أنهم لديهم توكيل من ألف و183 شخصا (533 امرأة و550 رجلا)، بينهم أطفال جرحى، ونساء تعرضن للاغتصاب والتعذيب، وآخرون بُترت أعضاؤهم جراء القصف.
ووفق مصادر معارضة للأناضول، فإن التعيينات الجديدة تمت بتعليمات من روسيا وبموافقة من إيران.