خبير مالي سوري يتحدث عن أسباب تدهور الليرة السورية ويكشف مستقبلها!
الوسيلة – خاص :
انتقـ.د الخبير بمتابعة أسعار صرف الليرة السورية السيد يوسف عبوش سياسات الحكومة السورية والمصرف المركزي السوري الخاطئة والتي أدت لتدهـ.ور الليرة السورية, مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن ترمي الحكومة الاتهـ.امات جزافاً محملة مسؤولية الانخفاض الحـ.اد في سعر الصرف إلى مضـ.اربات الصرافين المحليين تارة وعلى قنوات وتطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي تارة أخرى.
وقال عبوش وهو مدير شركة أصول للاستشارات والتداول المالي في حوار خاص مع موقع الوسيلة اليوم السبت 16 من تشرين الثاني إن حكومة النظام السوري عملت خلال الشهرين السابقين على دعم مبادرة رجال الأعمال السوريين التي أطلقتها غرفة تجارة دمشق ضمن مبادرة “عملتي قوتي” لدعم هذا الصندوق بحوالي خمسين مليون دولار , وكان طموح الحكومة أن يصل مجموع الإيداعات في هذا الصندوق إلى 500 مليون دولار, إلا أن الكثير من رجال الأعمال عزفوا عن الإيداع في هذا الصندوق لدعم الليرة السورية.
وأضاف عبوش أن هذا الصندوق عمل على دعم الليرة السورية من خلال بيع الدولار لشركات الصرافة والتجار لتمويل مستورداتهم والذين لا يتلقون تمويل من المصرف المركزي بسعر بدائي 615 ثم 612حتى وصل 603 ثم توقف البيع من هذا الصندوق. واعتبر عبوش أن هذه المبادرة كانت عبارة عن إبر “مورفين” للاقتصاد السوري لدعم الليرة السورية للأسف, إذ أن أغلب رجال الأعمال عندما توقف عمل الصندوق استردوا ما أودعوه سابقاً في هذا الصندوق بالليرة السورية.
وأشار الخبير السوري إلى أن رجال الأعمال والتجار لجأوا إلى السوق السوداء لشراء الدولار بالليرة السورية بعد استرداد أموالهم التي أودعوها في هذا الصندوق بالليرة بدل الدولار . وعرض عبوش مثالاً على اضطرار بعض التجار والصناعيين الى شراء الدولارات التي تم تمويل الصندوق لدعم الليرة من السوق السوداء, مبيناً: أن أحد التجار أوالصناعيين دعم الصندوق بمبلغ 5 ملايين دولار, حيث كان السعر الصرف حوالي 612 ليرة للدولار , وعندما استرد إيداعاته بالليرة السورية تم احتسابه بسعر 603 وكان سعر السوق آنذاك 640 ليرة, ما اضطر هذا التاجر أو الصناعي لشراء الدولار الذي تم إيداعه في هذا الصندوق من السوق السوداء.
وحول تحميل الصرافين وبعض صفحات وتطبيقات مواقع التواصل مسؤولية أخطاء سياسات النظام السوري المالية التي أدت لانخفاض الليرة السورية بشكل حاد, وأكد عبوش أن من عادة نظام السوري في حال فشل خططه الحكومية لإنعاش الاقتصاد السوري ودعم الليرة يرمي هذه الأخطاء على أحد الأشخاص أو الجهات, لذلك نلاحظ تارة يرميها على الصرافيين بحجة المضاربات على الليرة السورية, وتارة أخرى يرمي أخطاءه على موقع التواصل والتطبيقات التي تهتم بنشر أسعار صرف الليرة السورية .
وتعد هذه التصرفات أمر طبيعي بحسب عبوش , باعتبار أن أحداً ما يجب أن يتحمل مسؤولية انهيار سعر صرف الليرة السورية, أو بالأحرى أخطاء الحكومة الإقتصادية . وفيما يتعلق بالليرة السورية.
أسباب إنهيار الليرة السورية
وعزا الخبير السوري بمتابعة الليرة السورية السبب الأساسي لانهيار الليرة السورية إلى عدم رؤية حكومة النظام السوري الأسباب الحقيقة لتدهور الليرة, في الوقت الذي نشاهد فيه مواقع أو قنوات تابعة للحكومة تطبل وتزمر, مروجة أن الصرافين يضاربون على الليرة وأن صفحات تواصل اجتماعي تتحكم بسعر صرف الليرة.
واعتبر عبوش أن هذه الحجج التي يتذرع بها النظام لا تمت للواقع بصلة, إذ لا يعقل لأحد أن يصدق بأن صفحة فيسبوك أو صرافاً أو تطبيقاً على مواقع التواصل الاجتماعي قد يتحكم بأسعار الليرة السورية.
وأوضح عبوش أن عدة أسباب حقيقة تقف وراء تدهور الليرة السورية, أولها تراكمات خاطئة لسياسة الحكومة السورية والمصرف المركزي وخصوصا في تمويل شهادات الاستيراد بسعر 434 ليرة في حين كان سعر السوق السوداء للدولار 650 ليرة أو ما فوق 600 ليرة, الأمر الذي أدى لاستنزاف كبير جداً من احتياطي المصرف المركزي من الدولار , بالإضافة إلى تداعيات الثورة في لبنان وإغلاق المصارف اللبنانية.
وأشار عبوش إلى أن تقديرات حكومية سورية قد أشارت بوجود قرابة 30 مليار دولار ودائع للمصارف السورية وشركات الصرافة والصناعيين والتجار السوريين في المصارف اللبنانية. ووفق عبوش, فإن هذه الأموال مجمدة منذ أكثر من شهر إذ كان التاجر السوري يحصل على الدولار لتمويل مستورداته من لبنان لأن سعره منخفض أو نتيجة التبادل التجاري.
لكن خلال الفترة الماضية, وبعد إغلاق هذه المصارف لجأ التجار والصناعيون لتمويل مستورداتهم من السوق السوداء من المناطق المحررة في سوريا فهذه المناطق تعتمد على الدولار من قبل المنظمات والمعونات الدولية وهو لا يكفي لسد النقص الحاصل في الأسواق نتجة توقف المصارف اللبنانية عن العمل وهذا أحد أهم أسباب انهيار الليرة بحسب ما ذكر عبوش.
ورأى مدير شركة أصول للاستشارات والتداول المالي أن عدم عودة آبار النفط والغاز في الشمال والشمال الشرقي من سوريا إلى سيطرة النظام السوري بعد دخول قواته إلى جزء كبير من هذه الأراضي كان سبباً ثانياً لتدهور الليرة السورية وعدم ضبط تراجعها حيث كانت حكومة النظام السوري تعول كثيراً على عودة هذه الآبار للعمل والتي سوف تدر عليه إيرادات جيدة من العملة الصعبة لتمويل المستوردات ودعم الاقتصاد السوري وذلك بغية سد النقص الموجود في السوق من المواد الأساسية.
مستقبل الليرة السورية
وأبدى عبوش استياءه من سياسات الحكومة واجراءاتها تجاه مسألة انهيار الليرة الحاد، وحول توقعاته المستقبلية لليرة السورية, بين عبوش أن عدة مؤشرات تدل على تدهور الليرة السورية في الفترة الماضية والفترة المستقبلية إذا استمرت الحكومة السورية والمصرف المركزي بنفس السياسات الخاطئة التي يتبعونها وخصوصاً من ناحية تمويل المستوردات.
وطالب عبوش حكومة النظام السوري بالتفاوض مع الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان للإفراج عن الإيداعات الموجودة لدى المصارف اللبنانية من العملة الصعبة والتي تقدر بحوالي 30 مليار دولار.
ولفت الخبير السوري إلى أن الافراج عن هذه الايداعات وعودة جزء منها للقطاع المصرف السورية من شأنه أن يساهم في انتعاش الاقتصاد السوري وأن يحسن سعر صرف الليرة السورية بمقدار 100 ليرة أو 150 ليرة أمام الدولار.
أما بالنسبة لتأثير العقوبات الأمريكية تجاه سوريا أو إيران على تدهور الليرة, فيعتقد الخبير السوري السيد يوسف عبوش أن ذلك أمر طبيعي أن تؤثر هذه العقوبات على عملة أي بلد كان ليس سوريا أو إيران فقط.
وبين عبوش أن هذا التأثير لاحظناه منذ الأعوام السابقة وليس الآن لذلك لولا هذه العقوبات كانت أسعار الليرة السورية لا تتجاوز الـ300.
وانتهى تأثير هذه العقوبات على الليرة السورية, بحسب عبوش الذي أكد أن حالة التأثير التي يمكن أن تفعلها العقوبات في الوقت الحالي هي فقط بالاستيلاء على منابع النفط والغاز وحرمان الحكومة السورية من الاستفادة من عائداتها و محاصرة الحكومة من شراء المشتقات النفطية من الأسواق العالمية.
إقرأ أيضاً: الليرة السورية تسجل أكبر انهيار لها في التاريخ.. والتركية مستقرة
وكانت الليرة السورية قد هوت بشكل متسارع خلال الأيام القليلة الماضية, رغم محاولات النظام ومصرفه المركزي ضبط أسعارها.
ووصل سعر الليرة السورية اليوم السبت إلى (718-720) للدولار الواحد مبيع وشراء, بينما سجلت الليرة سعر 710 للدولار الواحد في مناطق إدلب المحررة, بحسب موقع أصول للاستشارات والتداول المالي .
ورغم إطلاق مبادرة “عملتي قوتي”, انخفضت الليرة السورية الشهر الجاري بشكل ملحوظ بفارق كبير لتتخطى حاجز الـ 700 ليرة بقليل، بعد أن كانت مستقرة خلال الأسابيع الماضية عند سعر 634 ليرة مقابل الدولار.
ورغم انهيار الليرة السورية ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ سوريا, إلا أن حكومة النظام السوري غابت عن توضيح أسباب الانهيار أو حتى الاجراءات التي ستتخذها حيال هذا الانخفاض.